الإشارة : أنكر هود عليه السلام على قومه أمرين مذمومين، وهما من صفة أهل البُعد عن الله ؛ الأول ؛ التطاول في البنيان، والزيادة على الحاجة، وهي ما يُكن من البرد، ويقي من الحر، من غير تمويه ولا تزويق، والزيادةُ على الحاجة في البنيان من علامة الرغبة في الدنيا، وهو من شأن الجهال رعاء الشاه، كما في الحديث، وفي خبر أخر :" إذاعلا العبد البناء فوق ستة أذْرُعٍ ناداه ملك : إلى أين يا أفْسَقَ الفاسِقينَ ؟ ". والثاني : التجبر على عباد الله، والعنف معهم، من غير رحمة ولا رقة، وهو من قساوة القلب، والقلب القاسي بعيد من الله، وفي الخبر عن عيسى عليه السلام :(لا تُكثِرُوا الكلام بغير ذكر الله، فتقسو قلوبكم ؛ فإن القلبَ القاسِيَ بعيدٌ من الله، ولكن لا تشعرون). وفي الحديث عن نبينا ﷺ :" لا تنظُرُوا إلى عيوب الناس كأنكم أربابٌ، وانظروا إلى عيوبكم كأنكم عَبِيدٌ، فإنما الناس مُبْتَلى ومُعَافىً، فارحموا أهل البلاء وسلو الله العافية " وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٧
يقول الحق جل جلاله :﴿كَذَّبَتْ ثمودُ المرسَلين إذ قال لهم أخوهم﴾ ؛ نسباً، ﴿صالحٌ ألا تتقون﴾ الله تعالى، فتوحدونه، ﴿إني لكم رسولٌ أمين﴾ : مشهور فيكم بالأمانة، ﴿فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على ربِّ العالمين أَتُتْركون فيما ها هنا آمنين﴾ أي : أتطمعون أن تتركوا فيما ها هنا من النعمة والتَّرَفُّهِ، آمنين من عقاب الله وعذابه، وأنتم على كفركم وشرككم، كلا، والله لنختبرنكم ببعث الرسول، فإن كفرتم عاجلتكم بالعقوبة.


الصفحة التالية
Icon