ثم فسّر ما هم فيه من النعمة بقوله :﴿في جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ ونخلٍ﴾ هو دخل فيما قبله، وخصه بالذكر ؛ شرفاً له. أو : في جنات بلا نخل، ﴿طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾، والطلع : عنقود التمر في أول نباته، باقياً في غلافه. والهضيم : اللطيف اللين ؛ للطف الثمر، أو : لأن النخل أنثى وطلع الأنثى ألطف، أو : لنضجه، كأنه : قيل : ونخل قد أرطب ثمره. قال ابن عباس : إذا أينع فهو هضيم. وقال أيضاً : هضيم : طيب، وقال الزجاج : هو الذي رطبه بغير نوى، أو : دَانٍ من الأرض، قريب التناول.
﴿وتَنْحِتُون﴾ أي : تنقبون ﴿من الجبال بيوتاً فارِهين﴾ ؛ حال من الواو، أي : حاذقين، أو : ناشطين، أو : أقوياء، وقيل : أَشِرينَ بَطِرِينَ. قيل : كانوا في زمن الشتاء يسكنون الجبال، وفي زمن الربيع والصيف ينزلون بمواشيهم إلى الريف ومكان الخصب. ﴿فاتقوا الله وأطيعون ولا تُطيعوا أمرَ المسرفين﴾ ؛ الكافرين المجاوزين الحد في الكفر والطغيان، أي : لا تنقادوا لأمرهم، ولا تتبعوا رأيهم، وهم ﴿الذين يُفسدون في الأرض﴾ بالإسراف بالكفر والمعاصي، ﴿ولا يُصلحُونَ﴾ بالإيمان والطاعة. والمعنى : أن فسادهم خالص، لا يشوبه شيء من الصلاح، كما تكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٩


الصفحة التالية
Icon