قََاُلوا إِنَّما أَنتَ مِنَ الْمُسَحِّرِينَ} ؛ الذين سُحِرُووا، حتى غَلَبَ على عقلهم السحرُ ﴿وما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأتِ بآيةٍ إن كنت من الصادقين﴾ في دعوى الرسالة، ﴿قال هذه ناقةٌ﴾، قالها بعدما أخرجها الله تعالى من الصخرة بدعائه عليه السلام، ﴿لها شِرْبٌ﴾ ؛ نصيب من الماء، فلا تُزاحموها فيه، ﴿ولكم شِرْبُ يومٍ مَعْلومٍ﴾ لا تزاحمكم فيه. رُوي أنهم قالوا : نُريد ناقة عُشَرَاءَ، تخرج من هذه الصخرة، فتلد سَقْباً - والسقب : ولد الناقة - فقعد صالح يتفكر، فقال له جبريل عليه السلام : صَلِّ ركعتين، وسَلْ رَبَّك الناقة، ففعل، فخرجت الناقة، ونتجت سقباً مثلها في العِظم، وصدرها ستون ذراعاً - أي : طولها - وإذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، وإذا كان يوم شربهم لا تشرب فيه.
١٨٠
﴿ولا تَمَسُّوها بِسُوءٍ﴾ ؛ بضرب، أو عقر، أو غير ذلك، ﴿فيأخذَكم عذابُ يومٍ عظيم﴾، وصف اليوم بالعظم ؛ لعظم ما يحل فيه، وهو أبلغ من تعظيم العذاب، ﴿فعقروها﴾ عَقَرَها " قَدَّار "، وأسند العقر إلى جميعهم ؛ لأنهم راضون به. رُوي أن عاقرها قال : لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين. وكانوا يدخلون على المرأة في خدرها، فيقولون : أترضين بعقر الناقة ؟ فتقول : نعم، وكذلك صبيانهم، ﴿فأصبحوا نادمين﴾ على عقرها ؛ خوفاً من نزول العذاب بهم، لا ندم توبة ؛ لأنهم طلبوا صالحاً ليقتلوه لَمَّا أيقنوا بالعذاب، وندموا حين لا ينفع الندم، وذلك حين مُعَايَنَةِ العذاب.