﴿فأخذهم العذابُ﴾ أي : صيحة جبريل، فتقطعت قلوبهم، ﴿فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾ : ميتين، صغيرهم وكبيرهم، ﴿إنّ في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين﴾. رُوي أنه أسلم منهم ألفان وثلاثمائة رجل وامرأة. وقيل : كانوا أربعة آلاف، وقال كعب : كان قوم صالح اثني عشر ألفاً، من سوى النساء والذرية. ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات. قاله القرطبي : قيل : في نفي الإيمان عن أكثرهم إيماءٌ إلى أنه لو آمن أكثرهم أو : شطرهم لما أُخذوا بالعذاب، وأن قريشاً إنما عُصموا من تعجيل العذاب ببركة من آمن منهم. وعلى أن (كان) زائدةٌ يكون الضمير لقريش، كما تقدم. ﴿وإن ربك لهو العزيز الرحيم﴾.
الإشارة : قوله :﴿أَتُتركون فيما ها هنا آمنين﴾ ؛ أنكر عليهم ركونهم إلى الدنيا وزخارفها الغرارة، واطمئنانهم إليها، وهو غرور وحمق ؛ إذ الدنيا كسحابة الصيف، تظل ساعة ثم ترتحل، فالدنيا عرض حائل، وظل آفل، فالكيِّس من أعرض عنها، وتوجه بكليته إلى مولاه، صبر قليلاً وربح كثيراً، والأحمق من وقع في شبكتها، حتى اختطفته منيته، وفي الحديث :" الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لا دَارَ لَهُ، ومالُ من لا مَالَ له، لَهَا يجمعُ من لا عقل له، وعليها يُعادي من لا علم عنده ".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٩
١٨١


الصفحة التالية
Icon