ولا تبخسوا الناس أشياءَهم} أي : لا تنقصوا شيئاً من حقوقهم، أيّ حق كان، يقال : بخسه حقه : إذا انتقصه. وقيل : نهاهم عن نقص الدراهم والدنانير بقطع أطرافها. فالكيل على ثلاثة أقسام : واف، وزائد وناقص. فأمر الحق تعالى بالوافي، ونهى عن الناقص، وسكت عن الزائد، فَتَرْكُهُ دَليلٌ على أنه إن فعله كان أحسن، وإن تركه فلا عليه. ﴿ولا تَعْثَوا في الأرض مفسدين﴾ ؛ ولا تبالغوا فيها بالإفساد، وذلك نحو قطع الطريق، والغارة، وإهلاك الزروع. وكانوا يفعلون ذلك فنهُوا عنه، يقال : عَثِيَ كفرح، وعثا يعثو، كنصر.
﴿واتقوا الذي خلقكم و﴾ خلق ﴿الجِبلّة الأولين﴾ أي : الخلق الماضين، وهم من تقدمهم من الأمم، ﴿قالوا إنما أنتَ من المسحَّرِين وما انت إلا بشرٌ مثلنا﴾، أدخل الواو بين الجملتين هنا ؛ لدلالةٍ على أن كلا من التسحير والبشرية مناف للرسالة ؛ مبالغة في التكذيب، فتكذيبهم أقبح من ثمود، حيث تركه فدل على معنى واحد، وهو كونه مسحوراً، وقرره بكونه بشراً. ثم قالوا :﴿وإنْ نظنك﴾ " إن " : مخففة، أي : وإنه، أي : الأمر والشأن لنظنك ﴿لمن الكاذبين﴾ فيما تدعيه من النبوة.