جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٣
وما كان أكثرهم مؤمنين} بعد ما سمعوها على التفصيل، قِصَّةً بعد قصةٍ، ليتدبروا فيها، ويعتبروا بما في كل واحدة من الدواعي إلى الإيمان، والزجر عن الكفر والطغيان، وبأن يتأملوا في شأن الآيات الكريمة، الناطقة بتلك القصص، على ما هي عليه، مع علمهم بأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يسمع شيئاً من ذلك من أحدٍ أصلاً، فلم يفعلوا شيئاً من ذلك واستمروا على ما كانوا عليه من الكفر والضلال. وبالله التوفيق.
الإشارة : كما أمر الله تعالى بوفاء المكيال، أمر بالوفاء في الأعمال، ووفاؤها : إتقانها وإخلاصها، وتخليصها من شوائب النقص، في الظاهر والباطن. وكما أمر بالعدل في الميزان الحسي بقوله :﴿وزنوا بالقسطاس المستقيم﴾، أمر بالعدل في الميزان المعنوي، وهو وزن الخواطر بالقسطاس الشرعي، فكل خاطر يخطر بالقلب يريد أن يفعله أو يتكلم به، لا يُخرجه، حتى يزنه بميزان الشرع، فإن كان فيه نفع أخرجه كما كان، أو غيَّره، وإن كان فيه ضررٌ بادَرَ إلى محوه من قلبه، قبل أن يصير هماً أو عزماً، فيعسر رده. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٣
قلت :" آية " خبر " كان "، و " أَنْ يعلمه " : اسمها، ومن قرأ " آية " ؛ بالرفع ؛ فآية اسمها، و ﴿أن...﴾ إلخ : خبر أو " كان " : تامة، و " آية " : فاعل، و " أن يعلمه " : بدل منه.
يقول الحق جل جلاله :﴿وإنه﴾ أي : القرآن المشتمل على القصص المتقدمة، وكأنه تعالى عاد إلى ما افتتح به السورة من إعراض المشركين عما يأتيهم من الذكر، ليتناسب المفتتح والمختتم، أي : وإن القرآن الكريم ﴿لتنزيلُ ربِّ العالمين﴾ أي : منزل من جهته. ووصفه تعالى بربوبية العالمين ؛ للإيذان بأن تنزيله من أحكام ربوبيته للعالمين ورأفته للكل.
١٨٥