﴿نَزَلَ به﴾ أي : أنزله ﴿الروحُ الأمين﴾ أي : جبريل عليه السلام، لأنه أمين على الوحي الذي فيه روح القلوب، ومن قرأ بالتشديد : فالفاعل هو الله، والروح : مفعول به، أي : جعل الله تعالى الروح الأمين نازلاً به. والباء ؛ للتعدية، نزل به ﴿على قلبك﴾، أي : حفظك وفهمك إياه، وأثبته في قلبك إثبات ما لا يُنْسَى، كقوله :﴿سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى﴾ [الأعلى : ٦].
﴿لتكونَ من المُنْذرِين﴾ بما فيه من العقوبات الهائلة والمواعظ الزاجرة، ﴿بلسان عربي﴾ ؛ بلغة قريش وجُرْهُم، فصيح بليغ، والباء : إما متعلق بمنذرين، أي : لتكون من الذين أَنْذَرُوا بهذا اللسان ؛ وهم هود وصالح وشعيب وإسماعيل ـ عليهم السلام ـ أو : بنزل، أي : نزله بلسان عربي ؛ لتُنذر به، لأنه لو نزل بلسان أعجمي لتجافوا عنه، ولقالوا : ما نصنع بما لا نفهمه ؟ فيتعذر الإنذار به. وهذا أحسن لعمومه ؛ أي : لتكون من جملة من أنذر قبلك، كنوح وإبراهيم وموسى، وغيرهم من الرسل، عربيين أو عجمين، وأشد الزواجر تأثيراً في قلوب المشركين : ما أنذره إبراهيم ؛ لانتمائهم إليه، وادعائهم أنهم على ملته.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٥
وإنه﴾ أي : القرآن ﴿لفي زُبُرِ الأَوَّلِينَ﴾ يعني : أنه مذكور في سائر الكتب السماوية. وقيل : ثبت فيها معناه، فإن أحكامه التي لا تحتمل النسخ والتبديل، بحسب تبدل الأعصار، من التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات والصفات مسطورة فيها، وكذا ما في تضاعيفه من المواعظ والقصص. قال النسفي : وفيه دليل على أن القرآن إذا ترجم عنه بغير العربية بقي قرآناً، ففيه دليل على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة. هـ. وهو حنفي المذهب، وأما مذهب مالك : فلا.