﴿أوَ لمْ يكن لهم آيةً﴾ أي : أغفلوا ولم يكن لهم آية دالة على أنه تنزيل رب العالمين حقاً، ﴿أن يعلمه علماءُ بني إسرائيل﴾، كعبد الله بن سلام، وغيره، لوجود ذكره في التوراة. قال تعالى :﴿وَإِذَا يُتْلَىا عَلَيْهِمْ قَالُوااْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ [القصص : ٥٣]. والمعنى : أَوَ لَمْ يكفهم دليلاً على كون القرآن من عند الله عَلِم أَحْبَارِ بني إسرائيل به. ومعرفتهم له، كما يعرفون أبناءهم ؛ لموافقته لما عندهم في كثير من القصص والأخبار، حتى إن سورة يوسف مذكورة في التوراة بمعنى واحد، وترتيب واحد، وما اختلف مع القرآن فيها إلا في كلمة واحدة :" وجاؤوا على قميصه بدم كذب "، عندهم في التوراة : وجاؤوا على قميصه بدم جدي. وكذا سورة طه : جُلهَا في التوراة. وقد تقدم الحديث :" أوتيت طه والطواسين والحواميم من ألواح موسى " وقد فسر بعض علماء هذه الأمة القرآن العظيم كله بالكتب المتقدمة، ينقل في كل آية ما يوافقها
١٨٦
من الكتب السماوية.
ثم قال تعالى :﴿ولو نزَّلناه على بعض الأَعْجَمِينَ﴾ أي : ولو نزلناه كما هو بنظمه الرائق على بعض من لا يفهم العربية، ولا يقدر على التكلم بها، ﴿فقرأه عليهم﴾ قراءة صحيحة، خارقة للعادة، ﴿ما كانوا به مؤمنين﴾ مع انضمام إعجاز القراءة إلى إعجاز المقروء ؛ لفرط عنادهم، وشدة شكيمتهم، قال النسفي : والمعنى : إنّا أنزلنا هذا القرآن على رجل عربيٍّ مبين،
١٨٧