ففهموه، وعرفوا فصاحته وأنّه معجز، وانضم إلى ذلك اتفاق علماء أهل الكتاب قبله على البشارة بإنزاله، وصفته في كتبهم، وقد تضمّنت معانيه وقصصه، وصح بذلك أنها من عند الله، وليست بأساطير كما زعموا، فلم يؤمنوا به، وسمّوه شعراً تارة، وسحراً أخرى. ولو نزلناه على بعض الأعاجم، الذي لا يحسن العربية، فضلاً أن يقدر على نظم مثله، ﴿فقرأه عليهم﴾ هكذا معجزاً، لكفروا به، ولتمحّلوا لجحودهم عذراً، ولسموه : سحراً. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٥
والأعجمين : جمع الأعجمي، فإن أفعل، إذا كان للتفضيل، يجمع جمع سلامة إذا لم يكن معناه للتفضيل كأحمر، وأصل الأعجمين : الأعجمين، فحذفت ياؤه، وقيل : جمع أعجم، فلا حذف.
﴿كذلك سَلَكْنَاه﴾ أي : أدخلنا التكذيب والكفر، وهو مدلول قوله :﴿ما كانوا به مؤمنين﴾، ﴿في قلوب المجرمين﴾ : الكافرين الذين علمنا منهم اختيار الكفر والإصرار عليه. يعني : مثل هذا السَّلْكِ الغريب سلكناه في قلوبهم وقررناه فيها، فلا سبيل إلى أن يتغيروا عما هم عليه، من التكذيب والإصرار عليه، وهو حجتنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد ؛ خيرها وشرها.


الصفحة التالية
Icon