وأحق الخلق بالهجاء من كَذَّبَ رسولَ الله ﷺ وهجاه. وعن كعب بن مالك : أن رسول الله ﷺ قال :" أهْجُهُمْ، فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُو أشدُّ عَلَيْهِمْ مِن رَشْقِ النَّبْلِ "، وكان يقول لحسّان :" قل، وروح القدس معك ". ﴿وانتصروا من بعد ما ظُلِمُوا﴾ أي : ردوا على المشركين، الذين هجوا النبي ﷺ والمؤمنين. وروي أنه لما نزلت الآية : جاء حسان، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، يبكون، فقالوا يا رسول الله : أنزل الله تعالى هذه الآية، وهو يعلم أنا شعراء ؟ فقال :" اقرؤوا ما بعدها :﴿إلا الذين آمنوا...﴾ هم أنتم وانتصروا، هم أنتم ". ومرَّ عمر رضي الله عنه وحسان رضي الله عنه ينشد الشعر في المسجد، فَلَحَظَ إليه، فقال : كنتُ أُنْشِدُ فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال : أَنْشُدُكَ
١٩٤
بالله، أسمعت النبي ﷺ يقول :" أجبْ عني، اللهم أيِّدْه بروح القدس " قال : اللهم نعم.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٢
وَسَيَعْلَمُ الَّذِين ظَلَمُوا أيَّ مُنَقلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ ؛ أيَّ مرجع يرجعون إليه، وهو تهديد شديد، ووعيد أكيد ؛ لما في ﴿سيعلم﴾ من تهويل متعلقة، وفي ﴿الذين ظلموا﴾ من الإطلاق والتعميم. وفي ﴿أي منقلب ينقلبون﴾ من الإبهام والتهويل. وتلاها أبو بكر لعمر رضي الله عنه حين عهد إليه، وكان السلف يتواعظون بها. و المعنى : سيعلم أهل الظلم ما تكون عاقبتهم، حين يقدمون عليَّ، وأيَّ منقلب ينقلبون، حين يفدون إليّ. اللهم ثبت أقدامنا على المنهاج القويم، حين نلقاك يا أرحم الراحمين.