﴿الذين يقيمون الصلاة﴾ ؛ يُديمون على إقامة فرائضها وسننها، ويحافظون على خشوعها وإتقانها، ﴿ويُؤتون الزكاة﴾ أي : يؤدون زكاة أموالهم، ﴿وهم بالآخرة هم يُوقنون﴾ حق الإيقان. إما من جملة الموصول، وإما استئناف، كأنه قيل : هؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الإيقان، لا من عداهم ؛ لأن من تحمل مشاق العبادات، إنما يكون لخوف العقاب، ورجاء الثواب، أولاً، ثم عبودية آخراً، لمن كمل إخلاصه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٦
ثم ذكر ضدهم، فقال :﴿إنَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي : لا يُصدّقون بها، وبما فيها من الثواب والعقاب، ﴿زيَّنَّا لهم أعمالهم﴾ الخبيثة، حيث جعلناها مشتهية للطبع، محبوبة للنفس، حتى رأوها حسنة، كقوله :﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُواءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً﴾ [فاطر : ٨]، ﴿فهم يَعْمَهُونَ﴾ ؛ يترددون في ضلالتهم. كما يكون حال الضال عن الطريق. ﴿أولئك الذين لهم سوءُ العذابِ﴾ في الدنيا بالقتل والأسر يوم بدر، ﴿وهم في الآخرة هم الأخسرون﴾ ؛ أشدّ الناس خسراناً ؛ لأنهم لو آمنوا لكانوا من أكرم الناس، شهداء على جميع الأمم يوم القيامة، فخسروا ذلك مع خسران ثواب الله والنظر إليه. عائذاً بالله من جميع ذلك.