قال قتادة : فكان لكل صنف منهم وزعة. أو : لترتيب الصفوف، كما هو المعتاد في العساكر. والوزع : المنع، ومنه قول الحسن البصري، حين ولي القضاء :(لا بد للحاكم من وزعة) أي : شُرط يمنعون الناس من الظلم. وتخصيص حبس أوائلهم بالذكر، دون سوق أواخرهم، مع أن التلاحق يحصل بذلك أيضاً : لأن أواخرهم غير قادرين على ما
٢٠٥
يقدر عليه أوائلهم من السير السريع، وهذا إن لم يكن سيرهم بتسيير الريح في الجو. قال محمد بن كعب : كان عسكر سليمان مائة فرسخ، خمسة وعشرون للجن، وخمسة وعشرون للإنس، وخمسة وعشرون للطير، وخمسة وعشرون للوحش. وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلاثمائة منكوحة، وسبعمائة سرية. وقد نسجت له الجن بساطاً من ذهب وإبريسم، فرسخاً في فرسخ، وكان يوضع منبره في وسطه، وهو من ذهب، فيقعد عليه، وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة، فتقعد الأنبياء - عليهم السلام - على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة، وحولهم الناس، وحول الناس الجن والشياطين، وتظله الطير بأجنحتها، حتى لا تقع عليه الشمس، وترفع ريح الصبا البساط، فتسير به مسيرة شهر، من الصباح إلى الرواح.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٥
ورُوي أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله، ويأمر الرخاء تُسيِّره، فأوحى الله تعالى إليه، وهو يسير بين السماء والأرض : إني زدت في ملكك أنه لا يتكلم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك. قال وهب : حدثني أبي : أن سليمان مرّ بحرّاثٍ، فقال : لقد أُوتي آلَ داود مُلكاً عظيماً، فالتفت ونزل إلى الحرّاث، فقال : إني سمعت قولك، وإنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه، لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك خير لك مما أوتي آلُ داود. هـ.