محيط بكل شيء، وماحٍ لكل شيء. ثم اعترفت أنها ظالمة لنفسها، مشغولة بهواها، قبل أن تعرف هواه، فلما عرفته غابت عن غيره، واستسلمت وانقادت له. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢١٧
قلت :(ولقد أرسلنا) : عطف على (ولقد آتينا داود...) إلخ.
يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ الله ﴿لقد أرسلنا إلى ثمودَ أخاهم﴾ نسباً ﴿صالحاً أن اعبدوا الله﴾ أي : بأن اعبدوه وحده، ﴿فإذا هم فريقان يختصمون﴾ أي : ففاجؤوا التفرق والاختصام، ففريق مؤمن به، وفريق كافر، أو يختصمون فيه، فكل فريق يقول : الحق معي. وقد فسر هذا الاختصام قوله تعالى في الأعراف :﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوااْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوااْ إِنَّا بِالَّذِيا آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف : ٧٥- ٧٦] ﴿قال﴾ عليه السلام للفريق الكافر، بعد ما شاهد منهم ما شاهد ؛ من نهاية العتو والعناد، حتى استعجلوا العذاب :﴿يا قوم لِمَ تستعجلون بالسيئة﴾ ؛ بالعقوبة السيئة ﴿قبلَ الحسنة﴾ أي : التوبة الصالحة، فتؤخرونها إلى حين نزولها، حيث كانوا - من جهلهم وغوايتهم يقولون، إن وقع العذاب تُبنا حينئذٍ، وإلا فنحن على ما كنا عليه. أو : لِمَ تستعجلون بالعذاب قبل الرحمة، أو : بالمعصية قبل الطاعة، ﴿لولا تستغفرون الله﴾ : هلا تطلبون المغفرة من كفركم بالتوبة والإيمان قبل نزوله، ﴿لعلكم تُرْحَمون﴾ بالإجابة قبل النزول، إذ لا قبول بعده، ﴿قالوا اطَّيَّرنا بك﴾ ؛ تشاءمنا بك ﴿وبمن معك﴾ من المؤمنين ؛ لأنهم قُحِطوا عند مبعثه ؛ لكفرهم، فنسبوه إلى مجيئه. والأصل : تطيرنا. وقرئ به، فأدغمت التاء في الطاء، وزيدت ألف وصل، للسكون.


الصفحة التالية
Icon