يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ لقد أرسلنا ﴿لوطاً﴾، أو : واذكر لوطاً ﴿إِذْ قال لقومه﴾ أي : وقت قوله لهم :﴿أتأتونَ الفاحشةَ﴾ أي : الفعلة المتناهية في الفُحش والسماجة، ﴿وأنتم تبصرون﴾ أي : الحالة أنكم تعلمون علماً يقينياً أنها فاحشة، لم تُسبَقوا إليها. والجملة الحالية تفيد تأكيد الإنكار، فإنَّ تعاطيَ القبيح من العالم بقُبحه أقبح وأشنع، ولذلك ورد في الخبر :" أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامةِ عَالِمٌ لم ينْفَعْهُ الله بعلْمِه ". وقال الفخر : لا تصدر المعصية من العالم قط وهو عالم، وحين صدورها منه هو جاهل ؛ لأنه رجح المرجوح وترجيح المرجوح جهل، ولذلك قال :﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾. هـ.
وفي الحديث :" لا يَزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " إذ لو صدّق بإطلاع الحق عليه
٢٢٤
ما قدر على الزنى، لكنه جهل ذلك. و ﴿تُبصرون﴾، من : بصر القلب. وقيل : يُبصر بعضُكم بعضاً ؛ لأنهم كانوا يرتكبونها في ناديهم، معلنين بها، لا يستتر بعضهم من بعض، مَجانةً وانهماكاً في المعصية، أو : تُبصرون آثار العصاة قبلكم، وما نزل بهم.


الصفحة التالية
Icon