﴿أئنكم لتَأْتون الرجالَ شهوةً﴾ أي : للشهوة ﴿من دون النساء﴾ أي : إن الله تعالى إنما خلق الأنثى للذكر، ولم يخلق الذكر للذكر، ولا الأنثى للأنثى، فهي مضادة للهِ تعالى في حكمته، فلذلك كانت أشنع المعاصي، ﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾ ؛ تفعلون فعل الجاهلين بقُبحها، أو : تجهلون العاقبة. أو : بمعنى السفاهة والمجون، أي : بل أنتم سُفهاء ماجنون. والتاء فيه - مع كونه صفة لقوم ؛ لكونهم في حيز الخطاب. وكذا قوله :﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ [النمل : ٤٧]، غلّب الخطاب على الغيبة. قال ابن عرفة :" بل " للانتقال، والانتقال في باب الذم إنما يكون عن أمر خفيف إلى ما هو أشد منه، وتقرير الأشدّية هنا : أن المضروب عنه راجع للقوة الحسية العملية، وهي منقطعة تنقضي بانقضاء ذلك الفعل، والثاني راجع للقوة العلمية، وهي دائمة ؛ لأن العلم بالشيء دائم، والعمل به منقطع غير دائم. هـ.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٤
فما كان جوابَ قومه﴾
حين نهاهم عن تلك الفاحشة ودعاهم إلى الله، ﴿إلا أن قالوا أَخْرِجوا آلَ لوط﴾ أي : لوطاً ومتبعيه ﴿من قريتكم إنهم أُناس يتطهرون﴾ ؛ يتنزهون عن أفعالنا، أو : عن القاذورات، ويعدون فعلنا قذراً. وعن ابن عباس : إنه استهزاء، كقوله :﴿إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود : ٨٧].
﴿فأنجيناه﴾ : فخلّصناه من العذاب الواقع بالقوم، ﴿وأهلَه إلا امرأتَه قدرناها﴾ بالتشديد والتخفيف، أي : قدرنا أنها ﴿من الغابرين﴾ ؛ الباقين في العذاب. ﴿وأمطرنا عليهم مطراً﴾ غير معهود ؛ حجارة مكتوب عليها اسم صاحبها، ﴿فساءَ﴾ : قَبُحَ ﴿مطرُ المنذَرِينَ﴾ الذين لم يقبلوا الإنذار. وقد مرّ كيفية ما جرى بهم غير مرة. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon