ووجه اتصال مضمون هذه الآية - وهو وصف المشركين - بإنكارهم البعث مع استحكام أسباب العلم والتمكن من المعرفة بما قبله، وهو اختصاصه تعالى بعلم الغيب، وأن العباد لا علم لهم بشيء بذلك : هو أنه لما ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب، وكان هذا بياناً لعجزهم، ووصفاً لقصور علمهم، وصل به أن عندهم عجزاً أبلغ منه، وهو أنهم يقولون للكائن الذي لا بد من كونه - وهو وقت بعثهم، ومجازاتهم على أعمالهم : لا يكون، مع أن عندهم أسباب معرفة كونه، لا محالة. هـ. قاله النسفي.
﴿وقال الذين كفروا أئذا كنا تراباً وآباؤنا أئنا لمخرَجُونَ﴾ أي : أنُخرج من القبور أحياء إذا صرنا تراباً وآباؤنا. وتكرير الاستفهام في " أئذا " و " أَئِنا " في قراءة عاصم، وحمزة ؛ وخلف، إنكار بعد إنكار، وجحود بعد جحود، ودليل على كفر مؤكد مبالغ فيه. والعامل في (إذا) : مادلّ عليه ﴿لمخرجون﴾ وهو : نُخرج، لا مخرجون، لموانع كثيرة. والضمير في " أئنا " لهم ولآبائهم.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣١
لقد وُعِدْنَا هذا﴾ البعث ﴿نحن وآباؤنا من قبلُ﴾ ؛ من قبل محمد ﷺ، قدّم هنا "
٢٣١
هذا " على " نحن " وفي المؤمنون قدّم " نحن " ؛ ليدل هنا أن المقصود بالذكر هو البعث وثمَّ المبعوث ؛ لأن هنا تكررت أدلة البعث قبل هذا القول كثيراً، فاعتنى به بخلاف " ثم ". ثم قالوا :﴿إنْ هذا إلا أساطيرُ الأولينَ﴾ : ما هذا إلا أحاديثهم وأكاذيبهم. وقد كذبوا، ورب الكعبة.