رُوي أنها لفته في ثيابه، وجعلت له تابوتاً من خشب، وقيل : من بردى، وسدت عليه بقفل، وأسلمته ؛ ثقة بالله وانتظاراً لوعده سبحانه. قال ابن مخلص : ألقته في البحر بالغداة، فرده إليها قبل الظهر. حُكي أن فرعون كانت له بنتٌ برصاء، أعيت الأطباء، فقال الأطباء والسحرة : لا تبرأ إلا من قِبل البحر، يؤخذ من شبه الإنسان، فيؤخذ من ريقه وتلطخ به برصها، فتبرأ، فقعد فرعون على شفير النيل، ومعه آسية امرأته، فإذا بالتابوت يلعب به الموج، فأخِذ له، ففتحوه، فلم يطيقوا، فدنت آسية، فرأت في وجه التابوت نوراً لم يره غيرُها، لِلذي أراد الله أن يكرمها، ففتحه، فإذا الصبي بين عينيه نور، وقد جعل الله رزقه في إبهامه، يمصه لبناً، فأحبته آسية وفرعون، فلطخت بنت فرعون برصها فبرئت، فقبَّلته وضمته إلى صدرها. فقال بعض القواد من قوم فرعون : نظن هذا المولود الذي نحذر منه، فهمّ فرعون بقتله - والله غالب على أمره - فقالت : آسية :﴿قُرة عين لي ولك... ﴾ الآية.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٨
وهذا معنى قوله :﴿فالتقطه آلُ فرعون﴾ ؛ أخذه. قال الزجّاج : وكان فرعون من أهل فارس، من إصْطَخْر. والالتقاط : وجدان الشيء من غير طلب ولا إرادة، ومنه : اللُّقَطَةُ، لما وُجد ضالاً. وقوله :﴿ليكونَ لهم عَدُواً وحَزَناً﴾ أي : ليصير الأمر ذلك، لا أنهم أخذوه لهذا، فاللام للصيرورة ؛ كقولهم : لدوا للموت وابنوا للخراب. وقال صاحب الكشاف : هي لام " كي " التي معناها التعليل، كقولك : جئت لتكرمني. ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز ؛ لأن ذلك لما كان نتيجة التقاطم له، شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعلَ لأجله. هـ. وتسمى بالاستعارة التبعية.
وفي " الحَزَن " لغتان ؛ الفتح، والضم، كالعدم والعدم.