﴿إنَّ فرعونَ وهامانَ وجنودَهما كانوا خاطئين﴾، أي : مذنبين، فعاقبهم الله تعالى بأن ربَّى عدوهم، ومن هو سبب هلاكهم على يديهم. أو : كانوا خاطئين في كل شيء، فليس خطؤهم في تربية عدوهم ببدع منهم.
﴿وقالت امرأةُ فرعون﴾، لمّا هم فرعون بقتله - لقول القواد : هو الذي نحذر هو :﴿قرةُ عين لي ولك﴾، فقال فرعون : لكِ، لا لي. قال ﷺ :" لو قال مثل ما قالت لهداه الله مثل ما هداها "، وهذا على سبيل الفرض، أي : لو كان غير مطبوع عليه الكفر لقال مثل قولها. ثم قالت :﴿لا تقتلوه﴾، خاطبته خطاب الملوك، أو خاطبت القُواد.
﴿عسى أن ينفعنا﴾ ؛ فإن فيه مَخَايلَ اليُمنِ ودلائلَ النفع، وذلك لِمَا عَايَنَتْ من النور وبرْءِ البرصاء. ﴿أو نتخذه ولدا﴾ ؛ أو : نتبناه ؛ فإنه أهل لأَن يكون ولد الملوك. قال تعالى :
٢٤٩
﴿وهم لا يشعرون﴾ ما يكون من أمره وأمرهم، أو : لا يشعرون أن هلاكهم على يديه، أو : لا يشعرون أنهم على خطأ عظيم في التقاطه ورجاء النفع منه. والله تعالى أعلم.
الإشارة : يقال لمن يعالج تربية مريد : أرضعه من لبن علم الغيوب، فإذا خفت عليه الوقوف مع الشرائع، فألقه في اليم ؛ في بحر الحقائق، ولا تخف ولا تحزن، إنا رادوه إلا بر الشرائع، ليكون من الكاملين، لأن من غرق في بحر الحقيقة، على يد شيخ كامل، لا بد أن يخرجه إلى بر الشريعة، ويسمى البقاء، وهو القيام برسم الشرائع، فالبقاء يطلب الفناء، فمن تحقق بمقام الفناء ؛ فلا بد أن يخرج إلى البقاء، كما يخرج من فصل الشتاء إلى الربيع. والله تعالى أعلم.