﴿ولكن أكثرهم﴾ أي : القبط، أو الناس جملة، ﴿لا يعلمون﴾ أن ما وعد الله لا بد من إنجازه، ولو بعد حين، وهو داخل تحت علمها، أي : لتعلم أن وعد الله حق، ولتعلم أن أكثر الناس لا يعلمون فيرتابون فيه. وفيه التعريض بما فرط منها ؛ حين سمعت بوقوع موسى في يد فرعون، فجزعت، وهذا من الطبع البشري كما تقدم. وأيضاً يجوز أن يكون الوعد منوطاً بشروط وأسباب، قد لا تعرفها، فلذلك لم ينفك خوفها. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥١
الإشارة : وحرمنا على الإنسان المراضع، من لبان الخمرة الأزلية، من قبل أن نلقيه بأهلها، فقالت له العناية السابقة : هل أدلك على أهل بيت الحضرة يكفلونك من رعونات البشرية، والهفوات القلبية، وهي الإصرار على المساوئ والذنوب، ويرضعونك من لبن الخمرة الأزلية. وهم لك ناصحون. يدلونك على الله ولا يدلونك على غيره ؛ فإن من دلك على الله فقد نصحك، ومن دلَّك على العمل فقد أتعبك، ومن دلك على الدنيا فقد غشك. فرددناه إلى أمه، وهي الحضرة القدسية، التي خرج منها، بمتابعة شهوته وغفلته، كي تقر عين روحه بمشاهدة حبيبها، ولا تحزن على فوات شيء، إذ لَم تفقد شيئاً، حيث وجدت الله تعالى ؛ " مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ ؟ وما الذي وَجَدَ من فَقَدَكَ ؟ ". ولتعلم أن وعد الله بالفتح على من توجه إليه بالواسطة حق، ولكن أكثر أهل الغفلة لا يعلمون
٢٥٢
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥١
قلت :﴿على حين غَفْلَةٍ﴾ : حال، أي : دخل مخفياً.


الصفحة التالية
Icon