﴿فلما جاءه وقصَّ عليه القَصص﴾، أي : قصته وأحواله مع فرعون، وكيف أراد قَتْلَهُ، ﴿قال﴾ له :﴿لا تخفْ نجوتَ من القوم الظالمين﴾ ؛ فرعون وقومه ؛ إذ لا سلطان له على أرضنا - مدين -، أو : قَبِلَ الله دعاءك في قولك :﴿رب نجني من القوم الظالمين﴾. وفيه دليل على العمل بخير الواحد، ولو أنثى، والمشي مع أجنبية على ذلك الاحتياط والتورع. قاله النسفي. وفيه نظر ؛ لعصمة الأنبياء - عليهم السلام -، وما أخذ الأجر على البر والمعروف ؛ فقيل : لا بأس به عند الحاجة، كما كان لموسى عليه السلام، على أنه رُوي أنه لمّا قالت له :﴿ليجزيك﴾ ؛ كره ذلك. وإنما أجابها لئلا يخيب قصدها ؛ لأن للقاصد حرمة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٩
ولما وضع شعيب الطعام بين يديه ؛ امتنع، فقال شعيب : ألست جائعاً ؟ فقال : بلى، ولكن أخاف أن يكون عوضاً مما سَقَيْتُ لهما، وإنا أهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا، ولا نأخذ على المعروف شيئاً، فقال شعيب : هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا، فأكل.
﴿قالت إحداهما يا أبَتِ استأجرْهُ﴾، أي : اتخذه أجيراً لرعي الغنم. رُوي أن كبراهما كانت تسمى :" صفراء "، والصغرى :" صفيراء "، وقيل :" صابورة " و " ليا ". وصفراء هي التي ذهبت به، وطلبت إلى أبيها أن يستأجره، وهي التي تزوجها. قاله وهب بن منبه وغيره فانظره مع ما في حديث، قال ﷺ :" تزوج صغراهما، وقضى أوفاهما " ويمكن الجمع بأن يكون زوّجه إحداهما ثم نقله إلى الأخرى.