ثم قالت التي طلبت استئجاره :﴿إن خيرَ من استأجرت القويُّ الأمين﴾، فقال : ما أَعْلَمَكِ بقوته وأمانته ؟ فذكرت نزع الدلو، أو رفع الحجر عن البئر، وأمْرها بالمشي خلفه. وفي رواية عند الثعلبي. أما قوته : فإنه عمد إلى صخرة لا يرفعها إلا أربعون رجلاً، فرفعها عن فم البئر. ثم ذكرتْ أمر الطريق. وقولها :﴿إنَّ خيرَ من استأجرت...﴾ إلخ : كلام جامع ؛ لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان ؛ الكفاية والأمانة، في القائم بأمرك، فقد فرغ بالك وتم مرادك. وقيل : القوي في دينه، الأمين في جوارحه. وقد استغنت بهذا الكلام، الجاري مجرى المثل، عن أن تقول : استأجره لقوته وأمانته.
٢٦٠
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : بنت شعيب، وصاحب يوسف في قوله :﴿عَسَىا أَن يَنفَعَنَآ﴾ [يوسف : ٢١]، وأبو بكر في استخلافه عمر.
﴿قال﴾ شعيب لموسى - عليهما السلام- :﴿إني أُريد أن أُنكِحَك﴾ : أُزوجك ﴿إحدىَ ابنتي هاتينِ﴾، وقوله :﴿هاتين﴾ يدل على أن له غيرهما. وهذه مواعدة منه، لا عقد، وإلا لقال : أنكحتك. ﴿على أن تأجُرَنِي﴾ أي : تكون أجيراً لي، من أجرته : إذا كنت له أجيراً ﴿ثمانِيَ حِجَجٍ﴾ ؛ سنين والحجة : السنة. والتزوج على رعي الغنم جائز في شرعنا، على خلاف في مذهبنا. ﴿فإِن أتممتَ عشراً﴾ أي : عشر حجج ﴿فمن عندك﴾ أي : فلذلك تفضلٌ منك، ليس بواجب عليك، أو : فإتمامه من عندك، ولا أحتمه عليك. ﴿وما أريد أن أشق عليك﴾ بإلزام أتم الأجلين. من المشقة، ﴿ستجدني إن شاء الله من الصالحين﴾ في حسن المعاملة، والوفاء بالعهد، أو مطلقاً. وعلق بالمشيئة، مراعاة لحسن الأدب مع الربوبية.


الصفحة التالية
Icon