﴿قال﴾ موسى عليه السلام :﴿ذلك﴾ العهد وعقد الأجرة ﴿بيني وبينك﴾ أي : ذلك الذي قُلْتَهُ، وشارطتني عليه، قائم بيننا جميعاً، لا يخرج واحد منا عنه. ثم قال :﴿أيَّما الأجلين قضيتُ﴾ أي : أيُّ الأجلين ؛ قضيت من الأجلين : العشر أو الثماني، ﴿فلا عدوان عَلَيّ﴾ أي : لا يتعدى عليّ في طلب الزيادة عليه، قال المبرد : قد علم أنه لا عدوان عليه في إتمامهما، ولكن جمعهما ليجعل الأقل كالأتم في الوفاء، وكما أن طلب الزيادة على الأتم عدوان فلذلك طلب الزيادة على الأقل. ﴿والله على ما نقول وكيل﴾ أي : رقيب وشهيد.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٩
واختلف العلماء في وجوب الإشهاد في النكاح على قولين : أحدهما : أنه لا ينعقد إلا بشاهدين، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك : ينعقد بدون شهود ؛ لأنه عَقْدُ معاوضة، فلا يشترط فيه الإشهاد، وإنما يشترط فيه الإعلان، والإظهار بالدف والدخان ليتميز من السفاح، ويجب عند الدخول.
رُوي أن شعيباً كانت عنده عصِيّ الأنبياء - عليهم السلام -، فقال لموسى بالليل : ادخل ذلك البيت فخذ عصاً من تلك العصي، فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة، ولم يزل الأنبياء - عليهم السلام - يتوارثونها، حتى وقعت إلى شعيب، فلما أخذها، قال له شعيب : ردها وخذ غيرها، فما وقع في يده إلا هي سبع مرات. - وفي رواية السدي : أمر ابنته أن تأتيه بعصا فجاءته بها، فلما رآها الشيخ قال : آتيه بغيرها، فألقتها لتأخذ غيرها، فلا تصير في يده إلا هي، مراراً، فرفعتها إليه، فعلم أن له شأناً. ولما أصبح قال له شعيب : إذا بلغتَ مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك، فإن الكلأ، وإن كان بها أكثر، إلا أن فيها تنيناً، أخشاه عليك وعلى الغنم، فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها، فمشى على أثرها، فإذا عشب وريف لم ير مثله، فنام، فإذا التنين قد أقبل، فحاربته العصا حتى قتلته،
٢٦١