وعادت إلى جنب موسى دامي، فلما أبصرها دامية، والتنينَ مقتولاً ؛ ارتاح لذلك. ولما رجع إلى شعيب بالغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن، وأخبره موسى، فرح، وعلم أن لموسى شأناً، وقال له : إني وهبت لك من نتاج غنمي، هذا العام، كُلَّ أَدْرَعَ وَدَرْعَاءَ - أي : كل جدي أبلق، وأثنى بلقاء - فأوحى الله تعالى إلى موسى في المنام : أن اضرب بعصاك الماء الذي تسقى منه الغنم، فضرب، ثم سقى الأغنام، فوضعت كلها بلقاء، فسلمها شعيب إليه.
وذكر الإمام اللجائي في كتابه (قطب العارفين) : أن موسى عليه السلام انتهى، ذات يوم، بأغنامه إلى واد كثير الذئاب، وكان قد بلغ به التعب، فبقي متحيراً، إن اشتغل بحفْظ الغنم عجز عن ذلك ؛ لغلبة النوم عليه والتعب، وإن هو طلب الراحة، وثبَت الذئابُ على الغنم، فرمى السماء بطرفه، وقال : إلهي إنه أحاط علمك، ونفذت إرادتك، وسبق تقديرك، ثم وضع رأسه ونام. فلما استيقظ ؛ وجد ذئباً واضعاً عصاه على عاتقه، وهو يرعى الغنم، فتعجب موسى من ذلك، فأوحى الله إليه : يا موسى ؛ كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد. قال : فهذه إشارة تدل على أن : مَنْ هَرَبَ مِنَ الله إلى الله ؛ كفاه الله، عز وجل، مَنْ دُونَهُ. هـ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٩