الإشارة : فجاءته - أي : القلب - إحدى الخصلتين ؛ الفناء والبقاء، تمشي على مهل وقدر ؛ فإن الوصول إلى المقامات إنما يكون بتدريج، على حسب القَدَر السابق. قالت إحدى الخصلتين : إن ربي يدعوك إلى حضرته ؛ ليجزيك أجر ما سقيت، واستعملت في جانب الوصول إلينا. فلما جاءه، أي : وصل إليه، وتمكن منه، وقص عليه القصص، وهو ما جرى له مع نفسه وجنودها من المجاهدات والمكابدات، قال : لا تخف اليوم، حين وصلت إلينا، نجوت من القوم الظالمين، قالت إحداهما : يا رب استأجره في العبودية شكراً، إن خير من استأجرت القوي الأمين ؛ لأن عمله بالله، محفوفاً برعاية الله، قال : إني أريد أن أعطيك إحدى الخصلتين، إما الإقامة في الفناء المستغرِق، أو الرجوع إلى البقاء المستفيق، لتقوم بالأدب على ان تخدم ثماني حجج، فإن أتممت عشراً، لزيادة التمكين، فمن عندك، فأقل خدمة المريد للشيخ ثماني سنين، ونهايتها نهاية التمكين. قال الورتجبي : لأن شعيباً، عليه السلام رأى بنور النبوة أن موسى عليه السلام يبلغ درجة الكمال في ثماني حجج، ولا يحتاج إلى التربية بعد ذلك، ورأى أن كمال الكمال في عشر حجج ؛ لأنه رأى أن بعد العشرة لا يبقى مقام الإرادة، ويكون بعد ذلك حراً، ولذلك قال : وما أريد أن أشق عليك. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٩
يقول الحق جل جلاله :﴿فلما قضى موسى الأجلَ﴾، قال ﷺ :" قضى أبعدهما وأطيبهما "، وفي رواية :" أبرهما وأوفاهما " ﴿وسارَ بأهله﴾ أي : امرأته، نحو مصر، قال مجاهد : ثم استأذن موسى أن يزور أهله بمصر، فأذن له، فسار بأهله إلى البَرِّيَّةِ، فأوى إلى جانب الطور الغربي الأيمن، في ليلة مظلمة شديدة البرد، وكان أخذ على غير طريق، يخاف ملوك الشام - قلت : ولعلهم كانوا من تحت يد قرعون - فأخذ امْرَأَتَهُ الطَّلقُ، فقدح زنده، فلم يور، فآنس من جانب الطور ناراً. هـ.