وقال ابن عطاء : لما تم أجل المحنة، ودنت أيام الزلفة، وظهرت أنوار النبوة، سار بأهله ؛ ليشتركوا معه في لطائف صنع ربه. هـ. ﴿آنس﴾ أي : أبصر ﴿من جانب الطُور﴾ أي : من الجهة التي تِلْوَ الطورِ ﴿ناراً قال لأهله امكثوا إني آنستُ ناراً لعلي آتيكم منها بخبر﴾ عن الطريق ؛ لأنه كان ضل عنها، ﴿أو جذوة من النار﴾ أي : قطعة وشُعلة منها، والجُذوة - مثلثة الجيم : العُود الذي احترق بعضه، وجمعه :" جِذّى ". ﴿لعلكم تصطلون﴾ ؛ تستدفئون بها. والاصطلاء على النار سُنَّة المتواضعين. وفي بعض الأخبار :" اصطلوا ؛ فإن الجبابرة لا يصطلون ".
﴿فلما أتاها نُودي من شاطىء الوادِ الأيمنِ﴾ بالنسبة إلى موسى، أي : عين يمين موسى، ﴿في البقعة المباركةِ﴾ بتكليم الله تعالى فيها، ﴿من الشجرة﴾ ؛ بدل من " شاطىء " : بَدَلَ اشتمالٍ أي : من ناحية الشجرة، وهو العنَّاب، او العوسج، أو : سمرة. وقال وهب : عُليقاً. ﴿أن يا موسى﴾. أي : يا موسى، أو : إنه يا موسى ﴿إني أنا الله ربُّ العالمين﴾، قال البيضاوي : هذا، وإن خالف ما في " طه " و " النمل " ؛ لفظاً، فهو طبْقُهُ في المقصود. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٦٢
قال جعفر الصادق : أبصر ناراً، دلته على الأنوار ؛ لأنه رأى النور على هيئة النار، فلما دنا منها ؛ شملته أنوار القدس، وأحاطت به جلابيب الأنس، فخاطبه الله بألطف خطاب، واستدعى منه أحسن جواب، فصار بذلك مُكَلَّماً شريفاً، أُعْطِيَ ما سأل، وأمن
٢٦٣
ممن خاف. هـ.
قال القشيري : فكان موسى عند الشجرة، والنداء من الله لا منها، وقد حصل الإجماع أن موسى، تلك الليلة، سمع كلام الله، ولو كان النداء من الشجرة ؛ لكانت المتكلمة هي، فلأجل الإجماع قلنا : لم يكن النداء منها، وإلا فنحن نجوز أن يخلق الله نداء في الشجرة. هـ. قلت : وسيأتي في الإشارة ما لأهل التوحيد الخاص، وما قاله - هو مذهب أهل الظاهر.


الصفحة التالية
Icon