يقول الحق جل جلاله :﴿قال﴾ موسى - لما كُلف بالرسالة إلى فرعون :﴿ربِّ إني قتلتُ منهم نفساً فأخاف أن يقتلونِ﴾ بها، ﴿وأخي هارونُ هو أفصح من لساناً فأرسِلْه معي رِدْءاً﴾ ؛ أي : عوناً. يقال : ردأته : أعنته. وقرأ نافع : بالتخفيف، ﴿يُصَدِّقني﴾ : جواب الأمر، ومن رفعه ؛ جعله صفة لردء، أي : ردءاً مصدقاً لي. ومعنى تصديقه : إعانته بزيادة البيان، في مظان الجدال، إن احتاج إليه ؛ ليثبت دعواه، لا أن يقول له : صدقت، ففضل اللسان إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان، وأما قوله : صدقت ؛ فسَحْبَانُ وبَاقِلٌ فيه مستويان. ﴿إِني أخاف أن يُكذبون﴾ في دعوى الرسالة.
﴿قال ستنشُدُّ عَضُدَك بأخيك﴾ أي : سنقويك به ؛ إذ اليد تشد بشدة العضد ؛ لأنه قوام اليد، فشد العضد كناية عن التقوية ؛ لأن العضد، إذا اشتد، قَوِيَ على محاولة الأمور، أي : سنعينك بأخيك، ﴿ونجعلُ لكما سلطاناً﴾ ؛ غلبة وتسلطاً وهيبة في قلوب الأعداء، ﴿فلا يَصِلُون إليكما بآياتنا﴾ ؛ بسبب آياتنا، القاهرة لهم عن التسلط عليكم، فالباء تتعلق بيصلون، أو : بنجعل لكما سلطاناً، أي : تسلطاً بآياتنا، أو : بمحذوف، أي : اذهبا بآياتنا،
٢٦٥
أو : هو بيان لغالبون، أي :﴿أنتما ومن اتبعكما الغالبون﴾، أي : المنصورون.


الصفحة التالية
Icon