﴿وما كان ربك﴾ ؛ وما كانت عادته ﴿مُهلك القرى﴾ بذنب ﴿حتى يبعث في أُمِّها﴾، أي : القرية التي هي أصلها ومعظمها ؛ لأن أهلها يكونون أفطن وأقبل. ﴿رسولاً﴾ ؛ لإلزام الحجة وقطع المعذرة، أو : ما كان في حكم الله وسابق قضائه أن يهلك القرى في الأرض حتى يبعث في أمها، وهي مكة ؛ لأن الأرض دحيت من تحتها. ﴿رسولاً﴾ يعني : محمداً ﷺ، ﴿يتلوا عليهم آياتنا﴾ ؛ القرآن، ﴿وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلُها ظالمون﴾، أي : وما أهلكناهم للانتقام، إلا وأهلها مستحقون العذاب بظلمهم، وهو إصرارهم على الكفر والمعاصي، والعناد، بعد الإعذار إليهم. والله تعالى أعلم.
٢٧٨
الإشارة : وكم خَرَّبْنَا من قلوب وأخليناها من النور، حيث طغت وتجبرت في معيشتها، وانشغلت بحظوظها وشهواتها، فتلك أماكنها خاوية من النور، لم تُسكن بالنور إلا قليلاً، وكنا نحن الوارثين لها، فأعطينا ذلك النور غيرها، وما فعلنا ذلك حتى بعثنا من يُذكرها ويُنذرها، وما كنا مهلكي قلوبٍ وَمُتْلِفيهَا إلا وأهلها ظالمون، بإيثار الغفلة والشهوة على اليقظة والعفة. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٧٧
قلت :" ما " شرطية، وجملة :(فمتاع...) إلخ : جوابه.
يقول الحق جل جلاله :﴿وما أُوتيتم من شيءٍ﴾ من زهرة الدنيا ﴿فمتاعُ الحياة الدنيا وزينتُها﴾ أي : ايُّ شيء أحببتموه من أسباب الدنيا وملاذها فما هو إلا تمتع وزينة، أياماً قلائل، وهي مدة الحياة الفانية، ﴿وما عند الله﴾ من النعيم الدائم في الدار الباقية ؛ ثواباً لأعمالكم ﴿خير﴾ من ذلك ؛ لأنه لذة خالصة في بهجة كاملة. ﴿وأبقى﴾ ؛ لأنه دائم لا يفنى ﴿أفلا تعقلون﴾ أن الباقي خير من الفاني، فتستبدلون الذي هو أدنى يا الذي هو خير ؟.


الصفحة التالية
Icon