﴿ونزعنا﴾ ؛ وأخرجنا ﴿من كل أُمةٍ شهيداً﴾، وهو نبيهم، يشهد عليهم بما كانوا عليه ؛ لأن الأنبياء شهداء على أممهم، ﴿فقلنا﴾ للأمم :﴿هاتوا برهانكم﴾ على صحة ما كنتم عليه من الشرك ومخالفة الرسول، ﴿فعلموا﴾ حينئذٍ ﴿إن الحق لله﴾ في الألوهية، لا يشاركه فيها غيره، ﴿وضل عنهم﴾ ؛ غاب غيبة الشيء الضائع ﴿ما كانوا يَفترون﴾ من ألوهية غير الله وشفاعة أصنامهم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : دوام ليل القبض يمحق البشرية، ودوام نهار البسط يُطغي النفس،
٢٨٥
وتخالفهما على المريد رحمة، وإخراجه عنهما عناية، وفي الحكم :" بسطِك كي لا يتركك مع القبض، وقبضك كي لا يتركك مع البسط، وأخرجك عنهما كي لا تكون لشيء دونه ". وقال فارس رضي الله عنه : القبض أولاُ، ثم البسط، ثم لا قبض ولا بسط، لأن القبض والبسط يقعان في الوجود وأما مع الفناء والبقاء فلا. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٨٤
قلت :" قارون " : غير مصروف ؛ للعجمة والتعريف، ولو كان " فاعولاً " ؛ من قرنت الشيء، لا نصرف لخروجه عن العجمة. ﴿إذ قال﴾ : ظرف لبَغَى أي : طغى حين وُعِظ، ولم يقبل ما وُعظ به، أو : يتعلق بمقدر، أي : أظهر التفاخر بالمال حين قال له قومه : لا تفرح. و " ما " : موصولة، و " إنَّ مفاتحه " : صلته، ولذلك كسرت.
يقول الحق جل جلاله :﴿إنَّ قارون كان من قوم موسى﴾ كان إسرائيلياً، ابن عم لموسى وابن خالته، فهو قارون بن يصهر بن قَاهَث بن لاوي بن يعقوب، وموسى بن عمران بن قاهَث. وكان يسمى " المنور " ؛ لحُسن صورته وكان آمن بموسى، وكان أحفظ الناس للتوراة، ولكنه نافق كما نافق السامري. ﴿فَبَغَى عليهم﴾، من البغي، أي : الظلم : قيل : ملَّكه فرعون على بني إسرائيل فظلمهم. أو : من البغي، أي : الكبر، أي : تكبر عليهم بكثرة ماله وولده، وزاد عليهم في الثياب شبراً، فطلب الفضل عليهم وأن يكونوا تحت يده.


الصفحة التالية
Icon