قال تعالى :﴿فخسفنا به﴾ ؛ بقارون ﴿وبداره الأرض﴾، كان قارون يؤدي موسى عليه السلام كل وقت، وهو يداريه ؛ للقرابة التي بينهما، حتى نزلت الزكاة، فصالحه : على كل ألف دينار دينارٌ، وعلى كل ألف درهم درهمٌ، فحاسبه فاستكثره، فشحت به نفسه، فجمع بني إسرائيل، وقال له : قد أطعتم موسى في كل شيء، وهو الآن يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا : أنت كبيرنا فَمُرنا بما شئت، قال : نجعل لفلانة البغي جُعْلاً حتى تقذف موسى بنفسها، فيرفضه بنو إسرائيل، فجعل لها ألف دينار، أو : طستاً من ذهب، فلما كان يوم عيد قام موسى خطيباً، فقال : من سرق قطعنا يده، ومن افترى جلدناه ثمانين، ومن زنى وليس له امرأة جلدناه مائة، ومن زنى وله امرأة رجمناه، فقال قارون : وإن كنتَ أنتَ ؟ قال : وإن كنتُ أنا، قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت، فناشدها بالذي خلق البحر وأنزل التوراة أن تصدق، فقالت : جعل لي قارون جُعلا على أن أقذفك بنفسي، فخرَّ موسى ساجداً يبكي، وقال : اللهم إن كنتُ رسولَك فاغضبْ لي، فأوحى الله تعالى إليه : مُر الأرض بما شئت فيه، فإنها مطيعة لك، فقال : يا بني إسرائيل : إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه، ومن كان معي فليعتزل، فاعتزلوا جميعاً غير رَجُلَيْن. ثم قال : يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال : خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وقارونُ وأصحابه يتضرعون إلى موسى، ويناشدونه بالله وبالرحم، وموسى لا يلتفت إليهم ؛ لشدة غضبه، ثم قال : خذيهم، فانطبقت عليهم. فقال الله تعالى : يا موسى ؛ استغاث بك مراراً فلم ترحمه، فوعزتي لو استرحمني مرة لرحمته.
٢٩٠
رُوي أنه يخسف كل يوم قامة، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، فقال بعض بني إسرائيل : إنما أهلكه ليرث داره وكنوزه، فدعى الله تعالى فخسف بداره وكنوزه، وأوحى الله تعالى إلى موسى : إني لا أُعَبِّدُ الأرض أحداً بعدك أبداً، أي : لا آمرها تطيع أحداً بعدك.