رُوي أنه عاش ألفاً وخمسين سنة، وقيل : إنه ولد في حياة آدم، وآدم يومئذٍ ابن ألف سنة إلا ستين عاماً. وقيل : إلا أربعين. ذكره الفاسي في الحاشية. والمشهور : أن بينه وبين آدام نحو العشرة آباء. وروي أنه بُعث على رأس أربعين، ولبث في قومه تسعمائة وخمسين. وعاش بعد الطوفان ستين. وعن وَهْبٍ أنه عاش في عمره ألفاً وأربعمائة، وقيل : وستمائة، فقال له ملك الموت : يا أطول الأنبياء عمراً ؛ كيف وجدت الدنيا ؟ قال : كَدَارٍ لها بابان، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر. ولم يقل : تسعمائة وخمسين سنة، لأنه، لو قيل ذلك، لجاز أن يتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره، وهذا التوهم زائل هنا، وكأنه قيل : تسعمائة وخمسين كاملة وافية العدد. مع أن ما ذكره الحق أسلس وأعذب لفظاً، ولأن القصة سيقت لذكر ما ابتلى به نوح عليه السلام من أمته، وما كابده من طول
٣٠١
المصابرة ؛ تسليةً لنبينا - عليه الصلاة والسلام - فكان ذكر الألف أفخم وأوصل إلى الغرض. وَجِيءَ، أولاً : بالسّنةِ ثم بالعام ؛ لأن تكرار لفظ واحد في كلام واحد حقيق بالاجتناب في البلاغة.
﴿فأخذهم الطوفانُ﴾ ؛ طوفان الماء، وهو ما طاف وأحاط، بكثرة وغلبة، من سيل، أو ظلام ليلٍ، أو نحوها، ﴿وهم ظالمون﴾ أنفسهم بالكفر والشرك، ﴿فأنجيناه وأصحابَ السفينة﴾، وكانوا ثمانية وسبعين نفساً، نصفهم ذكور، ونصفهم إناث، أولاد نوح : سام، وحام، ويافث، ونساؤهم، ومَنْ آمَنَ مِنْ غَيْرِهِمْ، ﴿وجعلناها﴾ أي : السفينة، أو الحادثة، أو القصة، ﴿آيةً﴾ ؛ عبرة وعظة ﴿للعالَمين﴾ يتعظون بها.


الصفحة التالية
Icon