الإشارة : كل ما سُلى به الأنبياء يُسَلّى بِهِ الأولياء، فكل من أُوذي في الله، او لحقته شدة من شدائد الزمان، فليعتبر بمن سلف قبله من الأكابر، ويتسلى بهم، ولينظر إلى لطف الله وبره وإحسانه، فإن لطفه لا ينفعك عن قدره. قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : العارف هو الذي يغرق إساءته في إحسان الله إليه، ويغرق شداد الزمان في الألطاف الجارية من الله عليه ؛ فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠١
قلت :(إبراهيم) : عطف على (نوح)، أو متعلق باذكر، و (وإذ قال) : ظرف زمان لأرسلنا، أو : بدل اشتمال من (إبراهيم) ؛ إِنْ نُصِبَ باذكر، لأن الأحيان تشتمل على ما فيها.
يقول الحق جل جلاله :﴿وإِبراهيمَ﴾ أي : وأرسلنا إبراهيم ﴿إذ قال لقومه﴾ أي : أرسلناه حين كمل عقله وتم نظره، وبلغ من السن والعلم مبلغاً صَلَحَ فيه لأن يعظ قَوْمَهُ، وَيَأَمُرَهُمْ بالعبادة والتقوى. وقرأ النخعي وأبو حنيفة : بالرفع. أي : ومن المرسلين إبراهيم، قال في وعظه :﴿اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم﴾ مما أنتم عليه من الكفر، ﴿إن كنتم تعلمون﴾ ؛ إن كان فيكم علم بما هو خير لكم مما هو شر لكم.
﴿إنما تعبدون من دون الله أوثاناً﴾ ؛ أصناماً ﴿وتخلُقُون﴾ : تختلفون وتكذبون، أو تصنعون أصناماً بأيديكم تسمونها آلهة. وقرأ أبو حنيفة والسُّلَمِي :" وَتُخَلِّقُونَ " بالكسر والشد. من خَلَّقَ ؛ للمبالغة. ﴿إفكاً﴾ : وقرئ " أَفِكاً " بفتح الهمزة، وهو مصدر، نحو
٣٠٢
كذب ولعب. واختلاقهم الإفك : تسميتهم الأوثان آلهة وشركاء لله.