والنافلة إسحاق، ويعقوب، أي : مروا عليه، حين كانوا قاصدين قوم لوط، ﴿قالوا إنا مهلكوا أهْلِ هذه القرية﴾ ؛ سدوم، والإشارة بهذه القرية تشعر بأنها قريبة من موضع إبراهيم عليه السلام، قالوا : إنها كانت على مسيرة يوم وليلة من موضع إبراهيم، قاله النسفي. ﴿إن أهلها كانوا ظالمين﴾، تعليل للإهلاك، أي : إن الظلم قد استمر منهم في الأيام السالفة، وهم عليه مُصِرُّونَ، وهو كفرهم وأنواع معاصيهم. ﴿قال﴾ إبراهيم :﴿إن فيها لوطاً﴾ أي : أتهلكونهم وفيهم من هو بريء من الظلم، أو : وفيهم نبي بين أظهرهم ؟ ﴿قالوا﴾ أي : الملائكة :﴿نحن أعلمُ﴾ منك ﴿بمن فيها لننجيَّنه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين﴾ ؛ الباقين في العذاب.
ثم أخبر عن مسير الملائكة إلى لوط بعد مفارقتهم إبراهيم، فقال :﴿ولما أن جاءتْ رُسُلُنَا لوطاً سِيء بهم﴾ أي : ساءه مجيئُهم وغمه، مخافة أن يقصدهم قومه بسوء. و " أن " : صلة ؛ لتأكيد الفعلين، وترتيب أحدهما على الآخر، كأنهما وُجِدا في جزء واحد من الزمان، كأنه قيل : لمَّا أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ترتيب. ﴿وضاق بهم ذَرْعاً﴾ أي : ضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعُه وطاقته، وقد جعلوا ضيقَ الذرعِ والذراع عبارةً عن فقد الطاقة، كما قالوا : رحْب الذراع، إذا كان مُطيقاً للأمور، والأصلَ فيه : إن الرجل إذا طالت ذراعه نال مالا يناله القصير، فاستعير للطاقة والقوة وعدمها.