ثم قال تعالى ﴿ولذكرُ الله أكبرُ﴾، أي : ولذكر الله، على الدوام، أكبر، في النهي من الفحشاء والمنكر، من الصلاة ؛ لأنها في بعض الأوقات. فالجزء الذي في الصلاة ينهى عن الفحشاء الظاهرة، والباقي ينهى عن الفحشاء الباطنة، وهو أعظم، ولأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكرٍ لله، مراقبٍ له، وثواب ذلك الذكر أن يذكر الله تعالى ؛ لقوله :﴿فَاذْكُرُونِيا أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة : ١٥٢]. ومن ذَكَرَه حَفِظَهُ ورعاه. أو : لذكر الله أكبر ؛ أجراً، من
٣١٥
الصلاة، ومن سائر الطاعات، كما في الحديث :" ألا أنبئكم بخيرِ أعمالكمْ، وأزكْاهَا عند مليككم، وأرفَعِهَا في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تَلْقَوْا عدوكم فتضربُوا أعناقهم ويضربوا اعناقكمْ ؟ قالوا : وما ذلك يا رسول الله ؟ قال ذِكْرُ الله " وسئل أي الأعمال أفضل ؟ قال :" أن تموتَ ولسانُكَ رَطْبٌ من ذكر الله " قيل : المراد بذكر الله هو الصلاة نفسها، أي : وَللصلواتُ أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبّر عنها بذكر الله ؛ ليشعر بالتعليل، كأنه قال : والصلاة أكبر ؛ لأنها ذكر الله. وعن ابن عباس : ولذكر الله لكم إياكم، برحمته، أكبر من ذكركم إياه بطاعته. وقال ابن عطاء ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له ؛ لأن ذكره بلا علة، وذكركم مشوب بالعلل والأماني، ولأن ذكره لا يفنى، وذكركم يفنى. أو : لذكر الله أكبر من أن تفهمه أفهامكم وعقولكم. أو : ذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. ﴿والله يعلم ما تصنعون﴾ من الخير والطاعة، فيثيبكم أحسن الثواب. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٤


الصفحة التالية
Icon