الوجهين في الآية : ثم قال : ورُوي في معنى الآية ؛ عن رسول لله ﷺ أنه قال :" إنما فرضت الصلاة، وأمر بالحج والطواف، وأشعرت المناسك، لإقامة ذكر الله - عز وجل - " قال تعالى :﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري﴾ [طه : ١٤]، أي : لتذكرني فيها. ثم قال : فإذا لم يكن في قلبك للمذكور، الذي هو المقصود والمُبْتغى، عظمة ولا هيبة، ولا إجلالُ مقامٍ، ولا حلاوة فهْم، فما قيمة ذكرك فإنما صلاتك كعمل من أعمال دنياك. وقد جعل الرسول الله ﷺ الصلاة قسماً من اقسام الدنيا، إذ كان المصلي على مقام من الهوى، فقال :" حُبب إليَّ من دنياكم.. " ذكر منها الصلاة، فهي دنيا لمن كان همه الدنيا، وهي آخرة لأبناء الآخرة، وهي صلة ومواصلة لأهل الله - عز وجل-، وإنما سميت الصلاة ؛ لأنها صلة بين الله وعبده، ولا تكون المواصلة إلا لتقي، ولا يكون التقي إلا خاشعاً، فعند هذا لا يعظم عليه طول القيام، ولا يكبر عليه الانتهاء عن المنكر كما قال الله :﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٤
يقول الحق جل جلاله :﴿ولا تُجادلوا أهلَ الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾ ؛ إلا بالخصلة التي هي أحسن، أي : ألطف وأرفق، وهي مقابلة الخشونة باللين، والغضب بالكظم، والمشاغبة بالنصح، بأن تدعوه إلى الله تعالى برفق ولين، وتبين له الحجج والآيات، من غير مغالبة ولا قهر. وأصل المجادلة : فتلُ الخصم عن مذهبه بطريق الحجج، وأصل : شدة الفتل، ومنه قيل للصقر : أجدل ؛ لشدة فتل بدنه وقوة خلقه. والآية ؛ قيل : منسوخة بآية السيف، وقيل : نزلت في أهل الذمة.