﴿قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً﴾ أي : شاهداً بصدق ما أدعيه من الرسالة وإنزال القرآن عليّ، وتكذبيكم، ﴿يعلم ما في السماوات والأرض﴾، فهو مطلع على أمري وأمركم، وعالم بحقي وباطلكم، فلا يخفى عليه شيء. ﴿والذين آمنوا بالباطل﴾، وهو ما يُعبد من دون الله، ﴿وكفروا بالله﴾ وبآياته منكم ﴿أولئك هم الخاسرون﴾ ؛ المغبونون في صفقتهم، حيث اشتروا الكفر المؤدي إلى النيران، بالإيمان المؤدي إلى الخلود في الجنان. رُوي أن كعب بن الأشرف وأصحابه من اليهود قالوا : من يشهد لك بأنك رسول الله ؟ فنزل :﴿قل كفى...﴾ إلخ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٢٠
الإشارة : اقتراح الآيات والكرامات كله جهل وحمق ؛ إذ ليس بيد النبي أو الولي شيء من ذلك، وإنما هو مأمور بالوعظ والدلالة على الله، والدعاء إليه، والكرامة لا تدل على كمال صاحبها، " ربما رُزق الكرامة من لم تَكْمُلْ له الاستقامة "، ليس كل من ثبت تخصيصه كَمُلَ تخليصه. وقد تظهر الكرامات في البدايات وتخفى في النهايات، والكرامة العظمى هي الاستقامة وكشف الحجاب بين الله وعبده حتى يشاهده عياناً، ويذهب عنه الأوهام والشكوك، وأما غير هذا فقد يكون استدراجاً لمن يقف معه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٢٠
يقول الحق جل جلاله :﴿ويستعجلونك بالعذاب﴾، كقولهم : أمطر علينا حجارة من السماء، ﴿ولولا أجلٌ مسمىًّ﴾ المضروب لعذاب كل قوم، أو : القيامة، أو : يوم بدر، أو : وقت فنائهم بأجلهم. والمعنى : ولو أجل قد سمّاه الله وعيَّنه في اللوح المحفوظ، ﴿لجاءهم العذاب﴾ عاجلاً. والحكمة تقتضي تأخيره إلى ذلك الأجل المسمى، ﴿وليأتينهم﴾ العذاب في الأجل المسمى ﴿بغتةً﴾ : فجأة ﴿وهم لا يشعرون﴾ بإيتانه.