فارسَ مجوسٌ ؛ لا كتاب لهم، والروم أهل كتاب، وفرح المشركون وشمتوا، وقالوا : أنتم والنصارى أهل الكتاب، ونحن فارس أُمِّيُّون، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم، ولنظهرنَّ نحن عليكم، فنزلت الآية. فقال أبو بكر : والله ليَظْهَرَنَّ الروم على فارس بعد بضع سنين، فقال له أُبَيُّ بنُ خلف : كذبت، فناحبه - أي : قامره - على عشر قلائص من كل واحد منهما، وجعل ثلالث سنين، فأخبر أبو بكر رسولَ الله ﷺ، فقال - عليه الصلاة والسلام- :" زِدْ في الخطر وأبعد في الأجل "، فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين، ومات أبيّ من جرح رسول الله ﷺ يو أحد، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، أو : يوم بدر، فأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أُبَيَّ، فقال عليه الصلاة والسلام - :" تصدَّقْ به ". وهذه آية بينة على صحة نبوته، وأن القرآن من عند الله ؛ لأنها إنباء عن علم الغيب. وكان ذلك قبل تحريم القمار، عن قتادة. ومذهب ابي حنيفة ومحمد - رضي الله عنهما - : أن العقود الفاسدة ؛ كعقد الربا وغيره، جائز في دار الحرب بين المسلمين والكفار، واحتجا بهذه القصة. هـ. زاد البيضاوي : وأجيب بأنه كان قبل تحريم القمار. هـ وقرئ :" غلبت " ؛ بالفتح، " وسيُغلبون " بالضم، ومعناه : أن الروم غَلَبُوا على ريف الشام، وسيغلبهم المسلمون، وقد غزاهم المسلمون في السنة التاسعة من نزولها، وفتحوا بعض بلادهم، وعلى هذا يكون إضافة الغلَب إلى الفاعل. ﴿لله الأمرُ من قبلُ ومن بعد﴾ أي : من قبل كل شيء، ومن بعد كل شيء. أو : من قبل الغلبة وبعدها، كأنه قيل : من قبل كونهم غالبين - وقبله : وهو وقت كونهم مغلوبين - ومن بعد كونهم مغلوبين - وهو وقت كونهم غالبين، يعني : أن كونهم مغلوبين أولاًُ، وغالبين آخراً، ليس إلا بأمر الله وقضائه. ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران : ١٤٠]. ﴿ويومئذٍ﴾ أي : ويوم تغلب الرومُ فارسَ، ويحل ما وعده الله من غلبتهم،


الصفحة التالية
Icon