قال البيضاوي : وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح ؛ لأن آثار العظمة والقدرة فيهما أظهر، تخصيص الحمد بالعشي - الذي هو آخر النهار، من عشى العين ؛ إذ نقص نورها - والظهيرة - التي هي وسطه ؛ لأن تجدد النعم فيها أكثر. ويجوز أن يكون ﴿عَشِيّاً﴾ معطوف على ﴿حين تُمسون﴾، وقوله :﴿وله الحمد..﴾ إلخ - اعتراضاً. وعن ابن عباس : الآيةُ جامعة للصلوات الخمس، (تُمسون) : صلاتا المغرب والعشاء، (تصبحون) : صلاة الفجر، (وعشياً) : صلاة العصر، (وتُظهرون) صلاة الظهر. ولذلك زعم الحسن أنها مَدَنِيَّةٌ ؛ لأنه كان يقول : كان الواجب عليه بمكة ركعتين، في أي وقت اتفقت، وإنما فرضت الخمس بالمدينة. والأكثر على أنها فرضت بمكة. هـ.
ثم ذكر وجه استحقاقه للحمد والتنزيه بقوله :﴿يُخرج الحيَّ من الميت﴾، الطائر من البيضة، والإنسان من النطفة، أو : المؤمن من الكافر، والعالم من الجاهل. ﴿ويُخرج الميتَ من الحيّ﴾، البيضة من الطائر، والنطفة من الإنسان، أو : الكافر من المؤمن، والجاهل من العالم. ﴿ويحيي الأرضَ﴾ بالنبات ﴿بعد موتها﴾ بيبسها، ﴿وكذلك تخرجون﴾، والمعنى : أن الإبداء والإعادة متساويان في قدرة مَن هو قادر على إخراج الحي من الميت، وعكسه.
رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :" من قرأ ﴿فسبحان الله حين تمسون﴾.. إلى الثلاث آيات، وآخر سورة الصافات :﴿سبحان ربك رب العزة..﴾ إلخ.. دُبُرَ كُلّ صلاة، كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء، وقطر الأمطار، وورق الأشجار، وتراب الأرض. فإذا مات ؛ أجرى له بكل لفظ عشر حسنات في قبره " نقله الثعلبي والنسفي. وعنه - عليه الصلاة والسلام :" مَن قَالَ حِينَ يُصْبِحُ :﴿فسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ﴾... إلى قوله :﴿وكذلك تخرجون﴾ ؛ أدْرَكَ ما فَاتَهُ في يوْمِهِ، ومن قاله حين يُمْسِي ؛ أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ " رواه ابو داود.


الصفحة التالية
Icon