يقول الحق جل جلاله :﴿ومن آياته﴾ الدالة على باهر قدرته ﴿خلقُ السماوات والأرض﴾. قال القشيري : السموات في علوِّها. والأرض في دنوِّها، هذه بنجومها وكواكبها، وهذه بأقطارها ومناكبها، هذه بشمسها وقمرها، وهذه بمائها ومدرها، واختلاف لغات أهلها في الأرض، واختلاف تسبيح الملائكة - عليهم السلام - الذين هم سكان السماء. هـ. ﴿واختلافُ ألسنتكم﴾ باختلاف اللغات، وبأجناس النطق وأشكاله، ﴿وألوانكم﴾، كالسواد والبياض وغيرهما، حتى لا تكاد تجد شخصين متوافقين ؛ إلا وبينهما نوع تخالف في اللسان واللون، وباختلاف ذلك وقع التعارفُ والتمايز، فلو توافقت وتشاكلت لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطلت المصالح. وفي ذلك آية بينة، حيث وُلدوا من أب واحد، وهم على كثرتهم متفاوتون. ﴿إن في ذلك لآيات للعالمين﴾ ؛ بفتح اللام وكسره. ويشهد للكسر قوله تعالى :﴿وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت : ٤٣]. قال القشيري : واختصاص كلِّ شيء من هذه ببعض جائزات حكمها ؛ شاهدٌ عَدْلٍ، ودليلٌ صِدْقٍ، يناجي أفكار المستيقظين، وتنادي على أنفسها : أنها، بأجمعها، بتقدير العزيز العليم. هـ.
٣٣٩
﴿ومن آياته منامُكُم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله﴾، أي منامكم بالليل، وابتغاؤكم من فضله بالنهار، أو : منامكم في الزمانين، وابتغاؤكم من فضله فيهما، وهو حسن ؛ لأنه إذا طال النهار يقع النوم فيه، وإذا طال الليل يقع الابتغاء فيه. ﴿إِن في ذلك لآياتٍ لقوم يسمعون﴾ ؛ سماع تدبر، بآذان واعية. قال القشيري : غَلَبةُ النوم لصاحبه من غير اختيار، وانتباهُه بلا اكتساب، يدلُّ على موته ثم بَعْثِهِ، ثم في حال منامه يرى ما يسرُّه وما يضرُّه يدل على حاله في قبره. الله أعلمُ كيف حاله، في أمره، فيما يلقاه من خيره وشره. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٣٩


الصفحة التالية
Icon