يقول الحق جل جلاله :﴿وله من في السماوات والأرض﴾ ؛ ملكاً ومُلكاً، ﴿كل له قانتون﴾ أي : مطيعون، كلُّ لما أراد، لا يستطيع التغيرَ عن ذلك. أو مُقرّون بالعبودية، أو : قائمون بالشهادة على وحدانيته. ﴿وهو الذي يبدأ الخلق ثم يُعيده﴾ أي : يُنشئهم ثم يعيدهم للبعث، ﴿وهو﴾ أي : البعث ﴿أهونُ﴾ ؛ أيسر ﴿عليه﴾ عندكم ؛ لأن الإعادة عندكم أسهل من الإنشاء، فلِمَ أنكرتم الإعادة، مع إقراركم بأن الإنشاء منه تعالى ؟ وقال الزجاج وغيره : أهون بمعنى " هيّن " ؛ كقوله :﴿وَكَانَ ذالِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً﴾ [النساء : ٣٠]، كما قالوا : أكبر، بمعنى كبير. والإعادة في نفسها عظيمة ولكنها هُوّنت بالقياس إلى الإنشاء ؛ إذ هو أهون عند الخلق من الإنشاء ؛ لأن قيامهم بصيحة واحدة أسهل من كونهم نُطفاً، ثم عُلقاً، ثم مضغاً، إلى تكميل خلقهم. قاله النسفي.
﴿وله المَثَلُ الأعلى في السماوات والأرض﴾ أي : الوصف الأعلى، الذي ليس لغيره، وقد عُرف به، ووُصف في السموات والأرض، على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاءٍ وإعادة، وغيرهما من المقدورات، ﴿وهو العزيزُ﴾ أي : القاهر لكل مقدور، ﴿الحكيم﴾ الذي يجري كل فعل على قضايا حكمته وعلمه. وعن ابن عباس : المثل الأعلى هو :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى : ١١]. وعن مجاهد : هو قول :" لا إله إلا الله ". ومعناه : وله
٣٤١
الوصف الأرفع، وهو اختصاصه بالألوهية في العالم العلوي والسفلي، ويعضده : ما بعده مِنْ ضرب المثل. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon