والإشتراء من الشراء، كما تقدم عن النضر، ومن البدل، كقوله :﴿اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ﴾ [آل عمران : ١٧٧]. استبدلوه واختاروه، أي : يختار حديث الباطل على حديث الحق. وإضافة اللهو إلى الحديث، للتبيين بمعنى " من " ؛ لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فيبين بالحديث، والمراد بالحديث : الحديث المكروه، كما جاء في الحديث :" الحديث في المسجد يأكل الحسنات، كما تأكل البهيمة الحشيش "، أو : للتبعيض، كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي فيه اللهو. وقال مجاهد : يعني : شراء المغنيات والمغنيين، أي : يشتري ذات لهو، أو ذا لهو الحديث. وقال أبو أمامة : قال عليه الصلاة والسلام :" لا يحل تعليم المغنيات، ولا بيعهن، وأثْمانُهنَّ حرام " وفي مثل هذا نزلت هذه الآية، ثم قال :" وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين : أحدهما على هذا المنكب، والآخر على هذا المنكب، فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يسكت ". قلت : هذا مقيد بِشِعْرِ الهوى لأهل الهوى، وأما أهل الحق الذين يسمعون من الحق، فلا يتوجه الحديث لهم، وسيأتي في الإشارة تحقيقه إن شاء الله. ثم قال أبو أمامة رضي الله عنه عَنْهُ ﷺ :" إن الله تعالى بعثني هدةى ورحمة للعالمين، وأمرني ربي بمحو المعازف والمزامير والأوثان، والصلب وأمر الجاهلية، وحلف ربي بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة خمر متعمداً إلا سقيته مثلها من الصديد يوم القيامة، مغفوراً له أو معذباً، ولا سقاها غيره إلا فعلت به مثل ذلك، لا يتركها عبد من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس يوم القيامة " انظر الثعلبي.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٢


الصفحة التالية
Icon