ثم قال تعالى :﴿ليضل عن سبيل الله﴾ أي : فعل ذلك لِيَضل هو عن طريق الله ودينه، أو ليُضل غيره عنه، أو عن القرآن، ﴿بغير علم﴾ أي : جهلاً منه بما عليه من الوزر. ﴿ويتخذها﴾ أي : السبيل ﴿هُزُواً﴾ وسخرية. فمن رفع : استأنف، ومن نصب، عطفها على (ليضل)، ﴿أولئك لهم عذاب مهين﴾ يُهِينُهم ويخزيهم، و " مَنْ "، لإبهامه، يقع على الواحد والجمع، والمراد : النضر ومن تبعه. ﴿وإذا تُتلى عليه آياتنا وَلَّى مُستكبراً﴾ ؛ أعرض عن تدبرها متكبراً رافعاً نفسه عن الإصغاء إلى القرآن، ﴿كأن لم يَسْمَعْهَا﴾ ؛ كأنه لم يسمعها، ولا ذُكرت على سمعه. شبَّه حاله بحال من لم يسمعها قط، ﴿كأنَّ في أذنيه
٣٦٣
وقراً﴾
؛ ثَِقَلاً وصمماً، ﴿فبشره بعذابٍ أليم﴾ ؛ أَخْبِرْه بأن العذاب يُوجعه لا محالة. وذكر البشارة على سبيل التهكم. وهذا في مقابلة مدح المحسنين المقيمين المزكين. فكما قال في المحسنين :﴿أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾، قال في هؤلاء :﴿أولئك لهم عذاب مهين﴾، بعد أن وصفهم بالضلال والإضلال، في مقابلة المحسنين بالهداية والفلاح. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon