يقول الحق جل جلاله :﴿ولقد آتينا لقمان الحكمةَ﴾ وهو لقمان بن باعوراء ابن أخت أيوب، أو ابن خالته، وقيل : كان من أولاد آزر، وقيل : أخو شداد بن عاد، أُعطى شداد القوة، وأُعطى لقمان الحكمة، وعاش ألف سنة، وقيل : أكثر، وسيأتي. وأدرك داود عليه السلام، وأخذ منه العلم. وكان يُفتي قبل مبعث داود، فلما بُعث قطع الفتوى، فقيل له في ذلك ؟ فقال : ألا أكتفي إذا كُفيت. وقيل : كان خياطاً، وقيل : نجاراً، وقيل : راعياً. وقيل : كان قاضياً في بني إسرائيل. وقال عكرمة والشعبي : كان نبياً، والجمهور على أنه كان حكيماً فقط. وقد خُير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة، وهي الإصابة في القول والعمل. وقيل : تتلمذ لألف نبي وتتلمذ له ألف نبي. قاله النسفي.
قال ابن عمر : سمعت النبي ﷺ يقول :" لم يكن لقمان نبياً ولكن كان عبداً كثير التفكر، حسن اليقين، أحب الله فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة. كان قائماً فجاءه نداء : يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض، تحكم بين الناس بالحق ؟ فأجاب الصوت، فقال : إن خيرني ربي قبلت العافية، وإن عزم عليّ فسمعاً وطاعة، فإني أعلم إن فعل ذلك بي عصمني وأعانني. قالت الملائكة بصوت ولا يراهم : لِمَ يا لقمان ؟ فقال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، إن يُعَن، فالبحري أن ينجو، وإن أخطأ ؛ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً، خير من أن يكون شريفاً، ومن يختر الدنيا على الآخرة ؛ تفُته الدنيا، ولا يصيب الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأُعطى الحكمة، فانتبه وتكلم بها " هـ.