وقال الجنيد : الشكر : ألا يُعْصَى اللهُ بنعمه. وقال أيضاً : ألا ترى مع الله شريكاً في نعمه. وقيل : هو الإقرار بالعجز عن الشكر. والحاصل : أن شكر القلب : المعرفة، وشكر اللسان : الحمد، وشكر الأركان : الطاعة. ورؤية العجز في الكل دليل القبول. ﴿ومن يشكرْ فإنما يشكر لنفسه﴾ ؛ لأن منفعته تعود عليه، لأنه يريد المزيد، ﴿ومن كفرَ فإِنَّ الله غنيٌّ﴾ ؛ غير محتاج إلى شكر أحد، ﴿حميد﴾ ؛ حقيق بأن يُحمد، وإن لم يَحْمَدْهُ أحد. ﴿و﴾ اذكر ﴿اذ قال لقمان لابنه﴾، واسمه : أنعم، أو أشكم، أو ناران، ﴿وهو يَعِظُهُ يا بُنَي﴾، تصغير ابن، لا تُشرك بالله ؛ ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ ؛ لأنه تسوية بين مَنْ لاَ نِعْمَةَ
٣٦٨
إلا منه، ومن لا نعمة منه أصلاً. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٦
الإشارة : قال القشيري : الحكمة : الإصابة في الفعل والعقد والنطق. ويقال : الحكمة : متابعة الطريق، مِنْ حَيْثُ توفيق الحق، لا من حيث هِمة النفس. ويقال : الحكمة : ألا يكون تحت سلطان الهوى. ويقال : هي معرفةُ قدْر نَفسك حتى لا تمدّ رجليك خارجاً عن كسائك. ويقال : ألا تستعصي على منْ تعلم أنك لا تقاومه. وحقيقة الشكر : انفتاح عين القلب لشهود ملاطفات الحق. ويقال : الشكرُ : تَحَقُّقُكَ بعجزك عن شكره. ويقال : ما به يَحْصُلُ كَمَالُ استلذاذِ النعمة. ويقال : هو فضلةٌ تظهر على اللسان من امتلاء القلب من السرور، فينطق بمدح المشكور. ويقال : الشكر : نعتُ كُلّ غنيٍّ، كما أن الكفران وصف كلِّ لئيم. ويقال : الشكر : قرعُ باب الزيادة. هـ. قلت : والأحسن : أنه فرح القلب بإقبال المنعم، فيسري ذلك في الجوارح.


الصفحة التالية
Icon