﴿إن الله عزيزٌ﴾ لا يُعجزه شيء، ﴿حكيم﴾ لا يخرج عن علمه وحكمته شيء، فلا تنفد كلماته وحكمته. والآية جواب اليهود، سألوا رسول الله ﷺ، إن قلنا : الآية مدنية، أو : أَمروا وَفد قريش أن يسألوه عن قوله :﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء : ٨٥]، فقالوا : هل عنيتنا أمْ قومك ؟ فقال ﷺ :" كُلاّ قد عنيت " فقالوا : أليس فيما قد أوتيت أنَّا قد أُوتينا التوراة، فيها علم كل شيء ؟ فقال ﷺ :" هي في علم الله قليل "، فأنزل الله :﴿ولو أنما...﴾ إلخ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٧٨
ولما ذكر شأن كلامه وعلمه ؛ ذكر شأن قدرته، فقال :﴿ما خلْقُكُمْ ولا بعثُكُم إلا كنَفْسٍ واحدةٍ﴾، أي : إلا كخلق نفس واحدة، وبعث نفس واحدة. فحُذف، للعلم به، أي : القليل والكثير في قدرة الله تعالى سواء، فلا يشغله شأن عن شأن، وقدرته عامة التعلق، تَنْفُذُ أسرع من لمح البصر. قال الغزالي في الإحياء : ومن غريب حِكَم الآخرة أن الرجل يُدعى به إلى الله تعالى، فيُحاسب ويُوبخ، وتُوزن له حسناته وسيئاته، وهو في ذلك كله يظن أن الله لم يحاسب إلا هو، ولعل آلاف آلاف ألف مثله في لحظة واحدة. وكل منهم يظن ظنه، لا يرى بعضهم بعضاً، ولا يسمعه، وهو قوله تعالى :﴿ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة﴾. هـ.
﴿إن الله سميع﴾ لقول من يُنكر البعث من المشركين، ﴿بصيرٌ﴾ بأعمالهم، فيجازيهم.


الصفحة التالية
Icon