﴿ذلك﴾ شاهد ﴿بأن الله هو الحقُّ﴾، وما سواه باطل، ﴿وأن ما تدعون من دونه الباطل﴾ ؛ المعدوم في حد ذاته، لا حقيقة لوجوده. أو : ذلك الذي وصف بما وصف به، من عجائب قدرته وباهر حكمته، التي يعجر عنها الأحياء القادرون العالمون، فكيف بالجماد الذي يدعونه من دون الله ؟ إنما هو بسبب أنه الحق الثابت الإلهية، وأن مَن دونه باطل ألوهيته، ﴿وأن الله هو العلي الكبير﴾، أي : العلي الشأن، الكبير السلطان.
﴿ألم تَرَ أن الفلكَ﴾ ؛ السفن ﴿تجري في البحر بنعمةِ الله﴾ بإحسانه ورحمته، أو : بالريح، لأن الريح من نعم الله. أو : ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والمتاع، فالباء، حينئذٍ، للأرزاق، وهو استشهاد آخر على باهر قدرته، وكمال حكمته، وشمول إنعامه. ﴿ليُريَكم من آياته﴾ ؛ من عجائب قدرته في البحر إذا ركبتموه، ﴿إن في ذلك لآياتٍ﴾ دالة على وحدانيته وكمال صفاته ؛ ﴿لكل صبَّارٍ﴾ في بلائه، ﴿شكورٍ﴾ لنعمائه. وهما من صفة المؤمن. فالإيمان نصفان، نصف شكر ونصب صبر، فلا يَعْتَبِرُ بعجائب قدرته إلا من كان هكذا.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٠
وإِذا غَشِيَهُم﴾، أي : الكفار، أي : علاهم وغطاهم ﴿موجٌ كالظُّلَلِ﴾، أي : كشيء يظل ؛ من جبل، أو سحاب، أو غيرهما، فالموج الكبير يرتفع فيعود كالظلل ؛ جمع ظُلة، وهو ما أظلك من جبل أو سقف. فإذا غشيهم ذلك ؛ ﴿دَعَوُاْ الله مخلصين له الدينَ﴾، لا
٣٨٠