جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٥
يقول الحق جل جلاله :﴿اللهُ الذي خلق السماوات والأرضَ وما بينهما في﴾ مقدار ﴿ستةِ أيام ثم استوى على العرش﴾ أي : استولى بقهريه ذاته. وسئل مالك عنه، فقال : الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عن هذا بدعة. هـ. ولم تتكلم الصحابة على الاستواء، بل أمسكوا عنه، ولذلك قال مالك : السؤال عنه بدعة. وسيأتي شيء في الإشارة. ﴿ما لكم من دونه﴾ ؛ من دون الله ﴿من وليٍّ ولا شفيعٍ﴾ أي : إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم ولياً، أي : ناصراً ينصركم، ولا شفيعاً يشفع لكم، ﴿أفلا تتذكرون﴾ ؛ تتعظون بمواعظ الله.
﴿يُدبّرُ الأمرَ﴾ أي : أمر الدنيا. وما يكون من شؤونه تعالى في ملكه، فهو كقوله :﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن : ٢٩]، أي : يُبديه لا يبتديه. وهو إشارة إلى القضاء التفصيلي، الجزئي، لا الكلي، فإنه كان دفعة. يكون ذلك التدبير ﴿من السماء إلى الأرض﴾، فيدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية، نازلة آثارها إلى الأرض. ﴿في يوم كان مقداره ألفَ سنةٍ مما تعدُّون﴾ من أيام الدنيا.
قال الأقليشي : جاء في حديث :" إن بُعد ما بين السماء والأرض، وما بين سماء إلى سماء، مسيرة خمسمائة سنة " وفي حديث آخر :" إن بين ذلك نَيِّفاً وسبعين سنة "، وإنما وقع الاختلاف في ذلك بالنسبة إلى سير الملائكة. وإن سرعة بعضها أكثر من سرعة بعض. كما يقول القائل : من موضع كذا إلى كذا مسيرة شهر للفارس وشهرين للراجل، وعليه يخرج قوله تعالى :﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
٣٨٦


الصفحة التالية
Icon