الإشارة : اعلم أن الحق تعالى تجلى بهذه الكائنات، قطعة من نور ذاته، على ترتيب وتمهيل. فتجلى بالعرش، ثم بالماء، فكان عرشه على الماء، ثم بالكرسي، ثم بالأرض، ثم بالسموات، ولما أكمل أمر مملكته تجلى بنور صمداني رحماني من بحر جبروته، استوى به على عرشه ؛ لتدبير ملكه، ثم تجلى بآدم على صورة ذلك التجلي. ولذلك قال ﷺ :" إن الله خلق آدم على صورته " وفي رواية :" على صورة الرحمن " وبذلك التجلي يتجلى يوم القيامة لفصل عباده، ولرؤيته - باعتبار العامة -، وهذا التجلي كله، من جهة معناه، متصل بسائر التجليات، جزئي من جهة تشكيله للمعنى الكلي، والفرق بينه وبين التجليات الظاهرة للحس : أن التجلي المستولي غَيْرُ مُرْتَدٍ برداء الحس ؛ إذ لا عبودية فيه، ولا قهرية تلحقه. ولأنه لم يظهر للعيان حتى يحتاج إلى رداء، لأن كنزه ما زال مدفوناً، حيث ارتفع فوق تجليات الأكوان. فتأمل، وسَلِّمْ، إن لم تفهم، ولا تبادر بالإنكار حتى تصحب الرجال، فيخوضون بك بحر الأحدية الحقيقية، فتفهم أسرار التوحيد. وبالله التوفيق.
٣٨٧
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٦
قلت :(الذي) : صفة للعزيز، أو : خبر عن مضمر. ومن قرأ ﴿خَلَقَهُ﴾ ؛ بالفتح ؛ فصفة لكل، ومن سَكَّنَهُ، فبدل منه، أي : أَحْسَنَ خَلْقَ كل شَيْءٍ.