قال الورتجبي : قال الحسن : ملك الموت هو الموكل بأرواح بني آدم، وملك الفناء موكل بأرواح البهائم. فانظر فيه. وأما حديث ملكي الموت والحياة، فقال العراقي : لم أجد له أصلاً. ويعني بملك الحياة : كون الأرواح أنفاسَ ملك الحياة ؛ كما في الإِحْيَاء. ومذهب أهل السُنَّة قاطبة : أن ملك الموت هو الّذي يقبض جميع الأرواح، من بني آدم والبهائِم وسائر الحيوانات. وبه قال مالك وأشهب. وذهب قوم إلى أن أرواح البهائم وسائر الحيوانات إنما تَقبض أرواحَهَا أعوانُ ملك الموت. وذهب قوم إلى أن الموت في حق غير بني آدم، إنما هو عَدَمٌ مَحْضٌ، كيبس الشجر وجفاف الثياب، فلا قبض لأرواحها، وهو أعم من كونها تُبعث، أو : لا ؛ بأن تعاد عن عدم، بخلاف المكلف، فإن روحه لا تعدم، خلافاً للملاحدة، فإنهم جعلوا الموت كله عدماً محضاً، كجفاف العود الأخضر، وهو كفر.
هذا وقد اختلف في كون الموت ضد الحياة، فيكون معنىً وجودياً، أو هو عدم الحياة، فيكون عدماً، وعلى كلا القولين فألأرواح باقية بعد مفارقة الأبدان، منعّمة أو معذبة.
﴿ولو ترى﴾ يا محمد ﴿إذِ المجرمون﴾ وهو الذين قالوا :﴿أئذا ضللنا في الأرض...﴾ إلخ، و " لو " و " إذ " للماضي، وإنما جاز هنا ؛ لأن المُتَرَقَّبَ محقق الوقوع، و " ترى " هنا، تامة لا مفعول لها، أي : لو وقعت منك رؤيةٌ ﴿إذ المجرمون ناكسوا رؤوسِهم﴾ أي : وقت كون المجرمين ناكسي رؤوسهم من الذل والحياء والندم، ﴿عند ربهم﴾ ؛ عند حساب ربهم، قائلين :﴿ربنا أبصَرْنا وسَمِعْنا﴾ أي : صدَّقنا الآن وعدك ووعيدك، وأبصرنا ما حدثَتْنَأ به الرسلُ، وسمعنا منك تصديق رسلك، ﴿فارجعنا﴾ إلى الدنيا ﴿نعملْ صالحاً﴾ من الإيمان والطاعة، ﴿إِنا موقنون﴾ بالبعث والحساب الآن. وجواب " لو " : محذوف، أي : لرأيت أمراً فظيعاً.