الإشارة : أهل الفَرْقِ من أهل الحجاب، يتوفاهم ملك الموت، وأهل الجمع مع الله من أهل العيان ؛ يتولى قبض أرواحهم ذو الجلال الإكرام ؛ كما قيل في الأخفياء من الأولياء ؛ الذين اختص الله تعالى بعلمهم - أنه يتولى قبض أرواحهم بيده، فتطيب أجسادهم به، فلا يعدوا عليها الثرى، حتى يُبعثوا بها، مُشْرِقَةً بنور البقاء المجعول فيهم، بالرجوع إليه من الفناء، فيكون بقلوبهم بَقَاءُ الأبد مع الباقي الأحد عز وجل. وقد ورد في الخبر ؛ " من واظب على قراءة آية الكرسي، دُبر كل صلاة، كان الذي يتولى قبض روحه ذو الجلال الإكرام " يعني : من تدبر معناها. والمراد بذلك خطفتها بالتجلي، واستغراقها في الشهود، وغيبتها عن الغير في ذلك الوقت الهائل، فيغيب عن الواسطة في شهود الموسوط، مع وجود الواسطة ؛ لعموم الآية. والله تعالى أعلم.
قال القشيري : لولا غفلةُ القلوب لما أحال قبض أرواحهم على مَلَكِ الموت ؛ لأنَّ مَلَكَ الموتِ لا أَثَرَ منه في أحد، وما يحصل في التوفِّي فمن خصائص قدرة الحق، ولكنهم غفلوا عن شهود حقائق الربِّ، فخاطبهم على قدر أفهامهم، وعلَّقَ بالأغيار قلوبهم. وكلَّ يُخاطبه بما يحتمل على قدر قوته وضعفه. هـ. وقال في قوله :﴿ولو ترى إذ المجرمون....﴾ الآية : مَلَكَتْهُم الدهشةُ وَغَلبتهم الحجة، فاعترفوا، حينَ لا عُذْرَ، واعترفوا، حينَ لا اعتراف. هـ.
قوله تعالى :﴿ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها..﴾. قال القشيري : لو شاء سَهَّل
٣٩١