قلت :(إلا أنفسهم) : بدل من (شهداء)، أو صفة له، على أن (إلا) بمعنى غير. و (فشهادة) : مبتدأ، والخب محذوف، أي : واجبة، أو : تدرأ عنه العذاب، أو : خبر عن محذوف، أي : فالواجب شهادة أحدهم، و(أنَّ)، في الموضعين : مخففة، وَمَنْ شَدَّدَ ؛ فعلى الأصل. و(الخامسة) : مبتدأ و (أنَّ غَضَبَ) : خبر، وقرأ حفص بالنصب، أي : ويشهد الشهادة الخامسة.
يقول الحق جل جلاله :﴿والذين يرمون أزواجهم﴾ أي : يقذفون زوجاتهم بالزنا، ﴿ولم يكن لهم شهداءُ﴾ أي : لم يكن لهم على تصديق قولهم من يشهد لهم به ﴿إلا أنفسهُمُ﴾، جُعِلوا من جملة الشهداء ؛ إيذاناً بعدم قبول قولهم بالمرة، ﴿فشهادةُ أحدهم﴾ أي : فالواجب شهادة أحدهم ﴿أربعُ شهادات بالله﴾ يقول أشهد بالله ﴿إنه لمن الصادقين﴾ فيما رماها به من الزنا. ﴿والخامسةُ أنَّ لعنت الله عليه﴾ أي : إنه لعنة الله عليه، أي : يقول فيها : لعنة الله عليه ﴿إن كان من الكاذبين﴾ فيما رماها به. فإذا حلف دُرِىءَ عنه العذاب،
٥٣
أي : دفع عنه الحد، وَإِنْ نَكَلَ : حُدَّ ؛ لقذفها.
﴿ويدرأُ عنها العذابَ﴾ أي : يدفع عنها الحدَّ ﴿أن تشهدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إِنه﴾ أي : الزوج ﴿لمن الكاذبين﴾ فيما رماها به من الزنا، ﴿والخامسة أنَّ غضب الله عليها إن كان﴾ الزوج ﴿من الصادقين﴾ فيما رماها به من الزنا. وذكر الغضب في حق النساء ؛ تغليظاً ؛ لأن النساء ؛ يستعملن اللعن كثيراً، كما ورد به الحديث :" يُكْثِرْنَ اللعْنَ "، فربما يجترئن على الإقدام، لكثرة جري اللعن على ألسنتهن، وسقوط وقعه عن قلوبهن، فذكر الغضب في جانبهن ؛ ليكون ردعاً لهن.
فإذا حلفا معاً فُرق بينهما بمجرد التلاعن، عند مالك والشافعي، على سبيل التأبيد، وقال أبو حنيفة : حتى يحكم القاضي بطلقة بائنة ؛ فتحل له بنكاح جديد إذا أكذب نفسه وتاب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٣


الصفحة التالية
Icon